TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تربية خاطئة لجيل مسرحي جديد!!

تربية خاطئة لجيل مسرحي جديد!!

نشر في: 3 أكتوبر, 2016: 09:01 م

ما أن تشاهد عرضاً مسرحياً عراقياً يقدم في المسرح الوطني هذه الأيام حتى ترى مجموعة من الشبان يؤدون حركات هي خليط من الرقص والتمثيل الصامت والاكروباتيك والالعاب السويدية – الرياضية، ويسمونها (دراما الجسد) او (الرقص الدرامي)، وسواء كانت تلك الحركات تغطي العرض بكامله ام تظهر في لحظات متفرقة تتخلل احداثا درامية او حوارا منطوقا كما حدث على سبيل المثال في مسرحية (حروب) لابراهيم حنون أو في مسرحية (حرير) المونودراما لليلى محمد وكأنما المسرحية لا تكتمل إلا بوجود تلك الحركات التي لا معنى لها ولا دلالة في اغلب الأحيان.
اذا سار حال المسرح العراقي على هذا المنوال فسوف لن نشهد ابداعات في الادب المسرحي ولا في الأخراج المسرحي ولا في التمثيل المسرحي، حيث سيستمر استنساخ مثل تلك الحركات وسوف تتحدد المجموعات المسرحية التي تمارس هذا النوع من العروض التي اعتبرها من هوامش المسرح الأصيل.. لا يا اعزائي ليس هذا هو المسرح كما درسناه وكما فهمناه وكما ندرسه ونبحث فيه. المسرح العراقي اليوم لا يحتاج الى ممثلين يعرفون كيف يحركون اجسادهم، يلوونها ويدحرجونها على خشبة المسرح ويتمايلون الى الامام والى الخلف والى هذا الجانب وذاك الجانب ومازالت تنقصهم المرونة الكافية. المسرح العراقي بحاجة الى ممثلين يعرفون كيف يتلفظون الكلمات ويلقون الجمل الحوارية ويعرفون معانيها الظاهرة والخفية ويقلدون انغامها ودلالاتها وينوعون في ايقاعاتها السمعية.
نعم اذا استمر المسرح العراقي على هذا الحال بالاكتفاء بنوع واحد من العروض المسرحية وعروض الحركة الجسدية فانه سيضيق افق الذهنية المسرحية وسوف يحدد المعرفة المسرحية وسوف يؤدي الى فقر واضح في الخلفية الثقافية للعاملين فيه.
نعم يا اعزائي المسرح ليس هو هذا النوع من العروض الحركية، المسرح انواع ادبية هي: التراجيديا والكوميديا والميلودراما والفارس والمسرحية الدعائية والمسرح له انواع جمالية هي: الكلاسيكية والكلاسيكية الجديدة والرومانتيكية والواقعية والطبيعية والرمزية والتعبيرية والدادائية والمستقبلية والسوريالية وهناك المسرح الملحمي وهناك مسرح اللامعقول وهناك فرق المسرح التجريبي المشهورة عالمياً مثل (فرقة مسرح الشمس) للفرنسية (مينوشكين) وهناك (فرقة المسرح العبثي) لششز وهناك (فرقة مسرح آودين) لباربا وهناك فرق تجريبية حقاً اخرى، وكل ما ذكرت من مسرحيات ومن انواع ومن فرق تعتمد على الكلمة عنصراً اساسياً في اعمالها وتعتبر الحركة احياناً عنصراً ثانوياً وحتى المسرح الفقير لغروتوفسكي لم يهجر الكلمة بل اعتمدها في جميع اعماله التي يكون الممثل الناطق هو العنصر الاساسي بل واكثر من ان يكون هذا الممثل ماهراً في الغاء حواره ان يكون ماهراً في حركة جسده وماهراً في التعبير به ويصونه عن معظم متطلبات العرض المسرحي وعناصر انتاجه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: أحلام المشهداني

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

قناديل: بغدادُنا في القلب

عنوانان للدولة العميقة: "الإيجابية.. و"السلبية"

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram