مسبحة من خمسة آلاف حبة "قزوان" طولها أكثر من 18 مترا صنعها رجل من أهالي منطقة هورامان لتروي كارثة قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية والتي راح ضحيتها خمسة آلاف شخص.صنعان فائق محمد (38 سنة) من اهالي قرية (هانةي دن) التابعة لناحية بيارة في منطقة
مسبحة من خمسة آلاف حبة "قزوان" طولها أكثر من 18 مترا صنعها رجل من أهالي منطقة هورامان لتروي كارثة قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية والتي راح ضحيتها خمسة آلاف شخص.
صنعان فائق محمد (38 سنة) من اهالي قرية (هانةي دن) التابعة لناحية بيارة في منطقة هورامان ومع كونه اصبح منذ عام من اشهر صانعي المسابح في المنطقة فقد عمل مدة طويلة على صنع مسبحة يصل طولها الى 18 مترا ونصف، وربما تكون اطول مسبحة في كردستان وهدفه من ذلك هو استذكار خمسة آلاف شخص من ضحايا القصف الكيمياوي في حلبجة.
وكانت طائرات النظام السابق في العراق قامت في 16 من آذار عام 1988 بقصف مدينة حلبجة (شرق السليمانية) بالأسلحة الكيمياوية فيما تفيد الإحصاءات الرسمية لحكومة إقليم كردستان ان خمسة آلاف شخص من الشباب والشيوخ والنساء والاطفال لقوا حتفهم في القصف. ويحاول سكان المنطقة الإبقاء على ذكرى الكارثة وروايتها، وتدخل محاولة صنعان في هذا الاطار أيضا.ً
يقول صنعان: "انا من اهالي محافظة حلبجة ولدي اقارب لقوا حتفهم في كارثة القصف الكيمياوي لحلبجة الشهيدة، ففكرت في صنع شيء كتعبير ورمز لشهداء حلبجة فصنعت مسبحة من خمسة آلاف حبة وهي تعبير عن شهداء حلبجة الخمسة آلاف".
وذكر صنعان لـ"نقاش" ان "حبات المسبحة تضم احجاما مختلفة صغيرة وكبيرة حسب اعمار الضحايا، فالحبات الكبيرة هي اشارة الى الضحايا من كبار السن اما الحبات الصغيرة فهي اشارة الضحايا الاطفال"، واضاف: "تضم المسبحة شرابتين في نهايتها وقد كتبت مابين الشرابتين والمسبحة تاريخ الكارثة، اذ توجد بعد 16 حبة من المسبحة فاصلة ثم تأتي بعدها ثلاث حبات ثم تأتي الشرابتان وكل واحدة منها تضم ثماني حبات وهي ترمز الى تاريخ 16/3/1988 يوم كارثة القصف الكيمياوي في حلبجة".
وقال: "صنعت الشرابتين من الخيوط وتتكونان من خمسة آلاف من الياف الخيوط بألوان حمراء وصفراء وبيضاء وخضراء وهي الوان علم كردستان، وقررت وضع المسبحة في مونومينت حلبجة لتبقى هناك مثل الأدوات الأخرى التي تعبر عن الكارثة".
وتقع مونومينت حلبجة في مدخل المدينة وتجمع الممتلكات والاغراض والوثائق التي تركت اثناء القصف الكيمياوي ويزورها يوميا العديد من الناس في المنطقة ومحيطها. وتضم المونومينت اسماء جميع ضحايا المدينة الخمسة آلاف مكتوبة على جدرانها، وعشرات الصور والوثائق التي تعود لذلك الوقت، مع العديد من قطع الملابس والأواني والصحون وأغراض أخرى متروكة والعديد من التماثيل واللوحات والأعمال الفنية، وستصبح مسبحة صنعان احدى هذه الأغراض المعروضة. وصنع صنعان مسبحته من حبات نبتة القزوان لأنها ترمز لمنتج محلي وكذلك لان مسبحة القزوان لا تتعرض للتشوه.
ويعرف صنعان فائق لدى اهالي المنطقة بـ(أستاذ الفنون الثلاثة) لان مهنته الرئيسية هي التنجيد، ويعمل الى جانب ذلك في صنع المسابح، وفضلا عن ذلك هو كاتب مسرحي ولديه 30 عملا مسرحيا، كما يكتب الشعر للاطفال وأنشأ كذلك مجموعة هورامان للاطفال وهي المجموعة الوحيدة للاطفال في المنطقة.
ويصنع صنعان المسابح في دكانه الى جانب عمله في التنجيد ويقول حول عمله: "بدأت بصنع مسابح القزوان منذ ثلاث سنوات ففي بداية فصل الخريف حين يبدأ نبات القزوان بالنضوج اذهب يوميا الى جبال هورامان واقطف القزوان من الاشجار وآتي بها الى البيت ثم اميز الناضج والاخضر منها ليؤكل وما لم ينضج منها بعد وكانت نواتها فارغة فاستخدمها في صنع المسابح".
وتوجد في منطقة هورامان الآلاف من اشجار القزوان التي تثمر في فصل الخريف، وفضلا عن حبات القزوان التي تؤكل وصنع المسابح منها، يستخرج منها العلك الكردي أيضا. ويقول صنعان: "نميز حبات القزوان التي لا نواة فيها ونزيل منها القشرة التي تغطيها ونضعها امام اشعة الشمس لمدة 10 ايام تقريبا حتى تجف وبعد ذلك تكون جاهزة لصنع المسابح فنبدأ بثقب الحبات وربطها ببعض عن طريق نوع من الخيط".
وذكر صنعان ان مسابح القزوان لها أنواع وأفضلها هي الـ(ابلق) التي تعد من الدرجة الاولى ويبدأ سعرها من 100 دولار ويصل الى 1000 دولار، اما الأنواع الاخرى منها فهي الخماسي، العادي، الطرف العريض، آكل العصفور وآكل الفسيفس.
ويفتخر صنعان بالعشرات من المسابح النادرة التي صنعها، ولكن احبها اليه هي مسبحة شهداء حلبجة، فهي فضلا عن كونها صنعت لإحياء ذكرى كارثة فهو يعتبرها في الوقت نفسه احدى اطول المسابح في العالم، ولم يسمع بوجود مسبحة بطولها في اي مكان آخر في كردستان والعراق حتى انه يعتقد بانها الاولى في العالم، ويقول: "مع الاسف أن حكام موسوعة غينيس للارقام القياسية لا يصلون الى هذه المنطقة والا فأنني اعتقد ان اسم مسبحتي سيدخل الموسوعة".
عن موقع نقاش