ali.H@almadapaper.net
سُئل الروائي إرنست همنغواي يوماً ما هي الرسالة التي تريد أن توصلها من خلال رواياتك ، فأجاب ساخراً كعادته : " عندما تكون لديّ رسالة ، فإنني أذهب بها إلى مركز البريد " ، أُتابع كقارئ منذ سنوات القاصّة الكبيرة لطفية الدليمي ، التي لاتزال تدهشنا كل يوم ، برسائلها الأدبية الممتعة ، لاتذهب إلى صناديق البريد ، وإنما إلى عقول وقلوب قرّاء يتابعون حروفها المضيئة بالمعرفة والصدق ، تعيش عالمها الخاص ، متقاعدة براتب متواضع ، لها جمهوريتها المتعففة ، ترفض الوقوف أمام دكاكين السياسة ، فهي تمضي ليلها ونهارها تجمع مادة لكتاب جديد ، ، وإذ أرادت أن تُسحرنا جميعاً ، وضعت على غلاف كتاب جديد عبارة " رواية " ، بينما الصفحات تذكّرنا بأن ما نقرأه أوسع من رواية وأكبر من خيال الأدب ، هي الحياة في أقصى وصف لها ، ورغم أنّ البعض يصرّ على أن الحقيقة لا تُقرأ في الكتب ، لكني أُحيلكم إلى روايتها أو " شهادتها " الأخيرة "عشّاق وفونوغراف وأزمنة" التي تشير بوضوح قلّ نظيره الى هذا الخراب العراقي الذي يحاصرنا منذ عقود ، في فن يجمع بين الفكر والحكاية والتاريخ ، سيرة واقعية ، فصل صغير من فصول الحياة أكثر من كونها عملاً متخيّلاً ، ولاننا نعشق فنون الخيال ، وحكايات الأساطير، فقد أستغربنا الخبر الذي نشرته الوكالات عن قرار أصدره الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، قرّر فيه تقليص الامتيازات الممنوحة لرؤساء الجمهورية السابقين ، للحدّ من الإنفاق العام، حيث كانت الدولة تضع تحت تصرّف الرؤساء السابقين خمسة معاونين واثنين من موظفّي الأمن ، والسيد هولاند يريد أن يخفّض العدد إلى أربعة أشخاص فقط .هذا الخبر كلّ ما فيه حقيقيّ، لكننا لانصدّقه ونعتبره ضرباً من الخيال ، ولستُ أدري إن كان أعضاء لجنة الإصلاح البرلمانية ، قد اطّلعوا على هذا الخبر أم سيعتبرونه نوعاً من أنواع الخرافة ، لأنهم يعرفون جيداً أنّ السيد نوري المالكي الذي لايملك منصباً رسميّاً ، يرافقه 750 عنصر حماية ، وأقل من هذا الرقم بخمسين يرافقون أُسامة النجيفي ، وأكثر منهم بثلاثة آلاف يرابطون عند رئيس الجمهورية ، أما قادة الكتل ، فالأرقام تتجاوز المخيّلة ، وماذا عن النواب ؟ الوقائع تقول إنّ لكلّ نائب أربعين شخصاً يحمونه من الفضوليين أمثالنا ، والوزراء يمكن أن تواصل العدَّ حتى الصباح !
منذ أشهر ونحن نتابع أخبار التقشّف، وأخبرنا كبار المسؤولين أنّ هناك بعض المشاكل، لم تبقَ مليارات تُصرف على مهرجانات المصالحة المستدامة، الحكومة تضيق صدراً بسبب انخفاض أسعار النفط ، وليس بسبب نهب ثروات البلاد.
كتب ابن بطوطة "تحفة النظّار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"، ليقدِّم لمن بعده دروساً وعبر عن حياة الشعوب التي صدّعتُ رؤوسكم بها ، وكنت أتمنّى لو عاش عصرنا ، ليكتب سِفره الجديد " تحفة النُّظّار في غرائب العراق " .
جميع التعليقات 2
كمال يلدو
التقاطة رائعة استاذ علي . شكراً لجرأتك ولقلمك الساحر.
د عادل على
التاريخ يحدثنا ان الايديولوجية التى طبقها الحزب النازى والحزب الفاشى الايطالى وحزب البعث العربى الاشتراكى هى ان الفن والموسيقى و الكتابة الحرة ان تكون تحت الرقابه فى المانيا وايطاليا والعراق--- الكتابه والقراءة غداء العقل والقلب والروح ----