مع ارتفاع الاصوات المطالبة بالضغط على الحكومة ، لاعتماد كل السبل المتاحة لإجبار تركيا على سحب قواتها من الاراضي العراقية ، حصلت بغداد بحسب مسؤول في وزارة الخارجية على تطمينات دولية تؤكد ان انقرة ستسحب قواتها مع وصول الجيش العراقي الى منطقة بعشيقة ، اثناء تنفيذ عملية تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش ، مع توجيه رسالة الى القوى السياسية تتضمن الدعوة الى التعاطي مع هذا الملف بما يضمن تحقيق المصالح الوطنية .
النخب السياسية المشاركة في الحكومات العراقية المتعاقبة ،التي وضعت تحقيق السيادة الوطنية ضمن اولويات اهتماماتها ، تندد وتستنكر ،و تلوح بعواقب وخيمة ضد من يحاول انتهاك السيادة ، التصريحات في هذا الشأن تكاد تكون شبه يومية ، يصاحبها إطلاق عبارات تحذير مع خلط الحابل بالنابل . رئيس كتلة نيابية لطالما أعلن رفض مشاركة قوات أجنبية في عمليات تحرير المدن الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش ، اشترى مؤخرا طائرتين وسخرهما لنقل المستشارين الاميركيين بين القواعد الجوية في المحافظات .
العراقيون أكثر شعوب المنطقة جربوا خوض حروب استمرت سنوات ، من اجل تحقيق السيادة فخرجوا منها بملايين الضحايا من القتلى والمعاقين ، وديون بمليارات الدولارات مازالت تدفع للاصدقاء والاشقاء ، في لحظة غياب الحكمة تنساق البلاد الى مصير مجهول ، لا امل في العودة الى العقل فغبار الضجيج يحجب الرؤية يختفي الافق ثم يتلاشى امام الاستجابة الى نزعات المزايدين .
علامة استفاهم كبيرة بقدر حجم محنة العراقيين تبحث عن اجابة لسؤال اين كان دعاة السيادة يوم احتل الدواعش ثلث مساحة البلاد ؟ العراق اليوم مهدد بمخاطر امنية واقتصادية ، لا يمكن تفاديها او تجاوزها إلا عبر موقف وطني موحد ، بعيدا عن المزايدات والمهاترات وإبراز العضلات ، السيادة بمعناها الشامل تعني تحقيق التنمية ، القضاء على البطالة ، إقامة علاقات دبلوماسية تخدم مصالح الشعب العراقي ، فعلى إيقاع الخطب النارية ، احتل العراق المرتبة الاولى في قائمة الدول الاكثر فسادا في العالم ، وبغداد اكتسبت صفة أقذر مدينة في المنطقة ، البصرة تعاني الحسرة ، ونينوى تحت قبضة داعش ، والانبار تنتظر عودة نازحيها الى مناطق سكنهم .
القوى السياسية العراقية صاحبة النفوذ في الحكومة الحالية تنظر الى السيادة من زاوية نظر محددة برفضها اي تواجد عسكري اجنبي سواء كان تركياً أو أميركياً ، ولا اعتراض على موقفها هذا، خصوصا ان هناك قوى وطنية تعمل في الساحة السياسية، رفضت هي الاخرى كل مظاهر التدخل الخارجي بالشأن العراقي ، الحكومة تعرف أعداد المستشارين الاميركيين في القواعد العسكرية في عين الاسد والتقدم بالحبانية ومعسكر التاجي ، مقابل ذلك هناك من يرغب في جعل السيادة ميداناً لاستعراض قوة أوتار حنجرته الصوتية .
سوء الأداء السياسي والحكومي على مدى السنوات الماضية ، جعل القوات التركية تتسلل إلى الاراضي العراقية ، ودول الجوار الاخرى تتدخل في الشأن السياسي والامني . رحم الله المنولوجست الراحل عزيز علي يوم قال "سياجها مفلش مهدم والحرامية تحوف ".