بعد ذيوع خبر استيراد وزارة التجارة لشحنة من الرز الهندي الفاسد منتهي الصلاحية وغير الصالح للاستخدام البشري ، نفت الوزارة في البدء عائدية البواخر المحملة بالرز اليها مبينة انها قد تعود لاشخاص لديهم النية في الاساءة للتعاقدات التي تجريها الوزارة مع مناشئ عالمية معروفة ورصينة ..وبعد زيادة جرعة الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وتحميل لجنة النزاهة في محافظة البصرة وزارة التجارة مسؤولية استيراد الرز الفاسد ، واعتبار بعض المنتقدين من النواب والمحللين الاقتصاديين ماتقوله وزارة التجارة تسويفا ومماطلة للتغطية على فساد عقد الاستيراد ، خرج مسؤول من وزارة التجارة ليدافع عنها قائلا ان الوزارة عملت على عزل الكميات المتضررة والتي طالها الماء في الباخرة وادى الى تلفها بينما تم توزيع ماتبقى من الشحنة على المواطنين مؤكدا على انه تناول الرز بنفسه ولم يجد فيه أية عفونة او ضرر ..
من جهتهم ، اكد بعض المواطنين الذين تسلموا حصتهم من الرز الهندي انه متعفن ولايصلح للاستهلاك البشري ..كيف تناوله المسؤول اذن وضمن أية وصفة طبخ ليخفي رائحة وطعم التعفن ثم ظهر للتفاخر امام المشاهدين بتناوله طبقا من رز الحصة التموينية بينما نحن نعلم جيدا ان اغلب الميسورين او المتمكنين ماديا من المواطنين وحتى بعض متوسطي الدخل لايستخدمون رز الحصة التموينية ويفضلون الرز الامريكي بحبته الطويلة المغرية ، فهل تناوله ليدحض اتهام لجنة النزاهة ام لينزل الى مستوى المواطنين العاديين ممن يعتبرون الحصة التموينية حتى هذه اللحظة مكرمة من الحكومة رغم تقلص مفرداتها وترشيقها ؟...
لن نناقش هنا ان كانت الشحنة المستوردة قد تعفنت بعد عبورها البحر ام انها كانت فاسدة اصلا طالما ان العقد الذي وردت بموجبه فاسد ، لكني اود الاشارة الى جرأة المسؤولين على الاستخفاف بمشاعر وعقول المواطنين ..فلماذا يظن المسؤول ان المواطن يجب ان يصدق كل مايصدر عنه من تصريحات وكأنه كلام الهي ، وهل بقي هناك مواطن لايعي حجم الكذب والنفاق في كلمات المسؤولين على اختلاف مناشئهم والقضايا التي يصرحون بشانها ، لكن المسؤول العراقي -كما اظن- يمارس لعبة (الصلافة ) اكثر من لعبة الكذب فهو يواجه الجميع بكذباته بصلافة نادرة وينتظر من المواطنين تصديقه وهذه المرحلة اخطر بكثير من مرحلة ممارسة الكذب ..
هناك مسؤول آخر –على سبيل المثال – ينشغل هذه الايام بالتحضير للانتخابات المقبلة وبقوة ولذا لم يجد ضيرا في التصريح قائلا :" على الجميع المشاركة بالانتخابات كي نغير السراق ومريدي السلطة الذين نهبوا اموال المواطنين " ..الغريب ان هذا المسؤول ضرب رقما قياسيا لدى العراقيين في اتهامه بالكذب وسرقة اموال المواطنين والتشبث بالسلطة، لكنه لايتورع عن اطلاق تصريحاته الداعية الى تأييد اعادته الى صدارة المشهد السياسي ليمارس لعبة (الصلافة) هذه المرة بعد الكذب والسرقة والتشبث بالسلطة ..
يقول مورفي :" لن يصغي اليك أحد حتى تقول شيئاً خاطئاً " ، فهل يتعمد المسؤولون المغالاة في كذبهم ليصغي اليهم الآخرون أم انهم بلغوا مرحلة تصديق كذبهم فقروا فرضه على الناس كحقائق دامغة ..في كل الاحوال ، الأمر خطير جدا ويعني تمريركل مايصدر عن المسؤولين من اخطاء وفساد بحفنة من الكذب (المسفط) والمزيد من (الصلافة )...