صدر عن دار المدى كتاب جديد بعنوان (مهنة العيش.. يوميات 1935-1950) تأليف تشيزار بافيزي وترجمة عباس المفرجي..
يقول جون تايلور في مقدمته عن الكتاب :
’’Non scriverὸ piύ‘‘. بهذه الكلمات المهيبة، التي تعني ’’لن أكتب بع
صدر عن دار المدى كتاب جديد بعنوان (مهنة العيش.. يوميات 1935-1950) تأليف تشيزار بافيزي وترجمة عباس المفرجي..
يقول جون تايلور في مقدمته عن الكتاب :
’’Non scriverὸ piύ‘‘. بهذه الكلمات المهيبة، التي تعني ’’لن أكتب بعد الآن‘‘، أنهى الروائي والقاص والشاعر الايطالي تشيزاري بافيزي (1908- 1950) يومياته، وأنهى بعدها بتسعة أيام حياته بتناوله جرعة زائدة من حبوب منوّمة في غرفة فندق في تورينو. قبل ذلك بزمن قصير، كان نشر روايته "القمر والنيران" (1950)، التي فازت بواحدة من أرقى التشريفات الأدبية الايطالية (جائزة ستريغا [Stréga] للرواية) ، لكنه أيضا واجه نهاية علاقته مع الممثلة الامريكية كونستانس داولينغ.
إلامَ يرمز انتحار كاتب؟ الى عجز الكتابة عن إنقاذ حياة؟ قد يجد العشّاق المتحمسون للأدب أمراً عسيراً على التصديق أن موهبة كموهبة بافيزي لا يمكنها بطريقة ما أن تواصل العطاء، منغمسة في شراك التأليف كوسيلة لحل المشاكل الثانوية السطحية (أو على الأقل تجنبها) التي تتعلق بالحب غير المتكافئ والحياة اليومية. لكنني، بالطبع، ساخر كبير. إنه أمر لافت للنظر و، كما أحسب، مثقِّف على نحو مروِّع أن تكون يوميات بافيزي الشفافة، المتشائمة تحمل عنوان ("Il mestiere di vivere" 1952)، كتاب تُرجِم مرتين الى الانكليزية بعنوان "الجمرة الحارقة" و"مهنة العيش هذه"، وكلاهما يشددان على أن العيش هو ’’مهنة‘‘ أو ’’حرفة‘‘.
اليوميات المكتشفة بين أوراق الكاتب بعد موته، هي واحدة من أكثر اليوميات فتنةً على نحو فكري كتبها كاتب في الأدب الاوربي الحديث، واكثرها صراحة على نحو موجع. إنها تُظهِر نفاذ بصيرة، لا فقط في شخصية بافيزي، بل أيضا في ذكائه الحرفي والأدبي العالي. صفحات تعجّ بأفكاره النقدية الحادة حول شعره ورواياته الخاصة به، حول الكتب التي كان يقرأها أو يترجمها، أو حول الأدب على العموم. لكن الشاعر والكاتب حدّد أهدافا ليومياته حتى أكثر طموحا، فكان عملا يُقارَن بشعره:
قد تكون فائدة هذه اليوميات في الوفرة غير المتوقعة من الأفكار، في فترات الإلهام التي، من تلقاء نفسها وبطريقة ميكانيكة، تعلن عن الاتجاهات الرئيسية لحياتك الروحية. من وقت لآخر، تحاول ان تفهم ما تفكّر به، وبعد فوات الأوان فقط تسعى الى اكتشاف رابط بين أفكارك الحالية وتلك الماضية. أصالة هذه الصفحات هي أنك تترك البنية تستنبط نفسها، وتضع روحك امامك، على نحو موضوعي. ثمة شيء ميتافيزيقي في ايمانك بأن هذا التعاقب السايكولوجي لأفكارك سوف يصيغ نفسه في عمل حسن البنيان. (22 شباط 1940).