TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شيوخ " التوك شو "

شيوخ " التوك شو "

نشر في: 8 أكتوبر, 2016: 07:07 م

ali.H@almadapaper.net

 

" قبل أن تذهب إلى طبيب لمعالجة مشكلة عدم الانجاب ، حاول أن تنذر أضحية ، وستجد أنك بعد تسعة أشهر ستُرزق بطفل عيونه خضراء ، تختلف عن لون عيونك وعيون أُمه " قالها الشيخ في خطبته ، وهو يحاول إقناع من يستمعون له أنّ النذور يمكن أن تُغني عن زيارة الطبيب ، باعتبار أنّ الشفاء أولاً وأخيراً قضية تخص الشيخ لوحده . وكان الشيخ نفسه قد ذهب قبل أشهر معدودات إلى بيروت للاستجمام ، ولعرض نفسه على عدد من الأخصائيين حيث يعاني من ضيق في التنفس.

في كل يوم نشاهد العشرات من الشيوخ يتحدثون في صورة قاطعة، حاسمة، مؤكِّدة، في مصائر الناس، فمنهم من حاول أن يستأجر معمماً آخر ليقول إنه رأى بالمنام أحد الأئمة الصالحين يوصيه ، بأن يذهب إلى الشيخ فلان ، ويخبره بأنه سيداوي آلام جميع أبناء الأُمة الإسلامية ، فما كان من الشيخ " صاحب الكرامات " إلا أن وضع المنديل على عينيه وأخذه في نوبة بكاء مصطنع ، وأنا أرى هذا المشهد على إحدى الفضائيات العراقية ، تذكرت مقطعاً شهيراً نشر للرئيس المصري السابق محمد مرسي ، حين أصر على استغلال سلاح العاطفة الدينية ، الذي ظلّ الإخوان المسلمون في مصر حال إخوانهم في العراق سنين طويلة يضحكون به على البسطاء. ففي الفديو الذي انتشر في زمن مرسي نجد أحد قياديي الإخوان يقصّ له وهو يزوره في القصر الجمهوري رؤيا عن مجلس يجلس فيه النبي " ص " مع عدد من الناس بينهم محمد مرسي، وعندما جاء وقت الصلاة قدّم الحاضرون الرسول لكي يصلّي فيهم ، فقال الرسول: بل يصلّي بكم الرئيس محمد مرسي، وبعد أن قال القيادي الإخواني هذه الرؤيا الخزعبلية هلّل الحاضرون وكبّروا!

مَن المسؤول عن بثّ هذه الخرافات، الشيخ ، أم ذلك الإنسان البسيط الذي قرّر أن يبني جزءاً من حياته على جواب " خرافي " ؟ لسنا "الشعب الوحيد" الذي يعيش في عصر شيوخ الخرافة ، لكننا الشعب الذي يعيش في قلق توتُّرهم واستخفافهم بعقول الناس .

كنتُ قبل سنوات قد قرأت كتاباً بعنوان " رحلتي من الشك إلى الإيمان " للمصري مصطفى محمود ، حيث يذكر فيه أن أحد أئمة الجوامع وصف له أيام كان صبياً وصفة للقضاء على الصراصير والحشرات في منازلهم ، ملأها مزيجاً من الادعية والطلاسم، ثم قال له: الصق هذه الورقة على الحائط وسوف تكتشف أن الصراصير سوف تموت موتاً شنيعاً!

لكنّ الصبي مصطفى محمود، الذي آمن بالتجربة ، خاب ظنه وانهار مقام الشيخ عنده بمجرد أن أخضع طريقته للاختبار، فقد تزايدت الصراصير وأصبحت أضعاف ما كانت قبل طريقة الشيخ، حسب قول مصطفى محمود في كتابه !

والحقيقة أن شيوخ " المعجزات " اليوم لن يكونوا استثناءً ، وتأثيرهم ممتد حتى هذه اللحظة بملايين التابعين لأفكارهم، التي تبعد الناس عن القضايا الحقيقية التي جاء من أجلها الاسلام ، واعني بها قضية العدالة الاجتماعية وحب الخير واعلاء قيمة العمل .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ناظر لطيف

    شكرا لك سيدي مقال رائع، لقد سقط حزب مرسي في مصر ولم يدم أكثر من سنتين لكن عجبي اليوم كل يوم تنهار التجربة عندنا، لكن ظلوا الشيوخ والمعممين الدجالين هم من يتصدر المشهد في بلادنا فما السبب؟.

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram