هكذا أراد القدر لنا أن نبدأ رحلة البحث عن بطاقة التأهل الى كأس العالم 2018 بثلاث خسارات متتالية ولا نعرف إن كانت هي عقوبة عن سيل الأخطاء التي رافقت إعداد المنتخب بدءاً من الاتحاد وهفواته التي جانبَ بها الواقعية والمنطق ومروراً بالملاك التدريبي واصراره على تنفيذ رؤيته في كيفية استثمار الوقت ونوعية اللاعبين الذين راهن عليهم للدخول في معترك المنافسة من دون أن يلتفت لنصائح وتحذيرات أهل الشأن بالإبتعاد عن المجازفة في تسريح اصحاب الخبرة والعمل على أحداث توازن بينهم وبين لاعبي المنتخب الأولمبي وانتهاءً بفوضى التصريحات وتعاطي وسائل الإعلام التي خرجت عن السيطرة والهدف الأسمى في تطبيق مبدأ ( لكل حادث حديث ) و( احترام الوقت والمهمة ) أم أن ما جرى هو رسالة أقرب الى الصدمة كنا بحاجة اليها لنعود من جديد ونكون أكثر حرصاً في التمسك بطريق النجاح.
لن نكون في طرحنا خارج حسابات المنطق، بل سنقترب بافكارنا نحو تعضيد حظوظنا وإن كانت قليلة ونؤمن أكثر بفرص الحظ واخطاء ونتائج الآخرين ولا ننسى أن كرة القدم لا تعترف احياناً بما تدوّنه أوراق المحللين والمتابعين، بل تفرض واقعاً لا مفرّ منه في الميدان ، فالبرتغال لم تكن مرشحة لخطف اللقب الأوروبي، بل إن بدايتها كانت أقرب الى الفشل الذريع ولعبة الحظ أسهمت في تأهلها للدور الثاني.. ومن شاهد الماكنة الألمانية وجبروتها والأداء الإيطالي والفرنسي وحتى الكرواتي لا يمكن أن يتجرّأ ويرشح فريقاً آخر غيرهم لخطف كأس أمم أوروبا، لكن لكرة القدم فلسفة أخرى وما عليك إلا أن تبذل الجهد وتتشبّث بالأمل ثم تنتظر المكافأة.
البداية التي لابد أن يدركها الجميع أن الملاك التدريبي واللاعبين هم الآن في حالة من القلق وخاصة بعد أن سرق الحكم الكوري كيم دونغ جن جهودهم لئلا يقدِم الحكم الصيني هو الآخر على خطأ شنيع ليضعهم في مواجهة صعبة مع الشارع الكروي وأيضاً مع طموحهم في اثبات جدارتهم، وبالتالي فإن الإفراط بتوجيه الانتقادات اللاذعة والبحث في أمور إدارية وفنية اصبحت من الماضي مرتبطة بالإعداد والتحضير لا يمكن العودة اليها وإلا فإنها ستشكل ضربة موجعة لمحاولة إحياء أمل المنافسة وخاصة أن هناك صحوة فنية وذهنية بدأت تظهر على الأداء العام لأسود الرافدين ويمكن أن تأذن المباراة القادمة لهم مع المنتخب التايلاندي الإعلان الرسمي والصريح لتغيير خارطة المجموعة الثانية وتعزز فرصهم لخطف إحدى بطاقتي التأهل.
إن المرحلة الحالية تفرض التمسك بخيار ( صمت الحُكماء ) في وقت نرى أن الحديث النقدي بصيغة (لو) سيصبح عنصراً مؤثراً في إرباك المواقف وتشتيت الأفكار والاتجاه بدلاً من ذلك الى اعطاء المدرب فرصة ترتيب الأوراق بالنصيحة الفاعلة التي تخدم مسيرته القادمة من دون انتقاص أو اساءة أو توجيه رسائل خاطئة له بأن مستقبله التدريبي مرهون بالترشح الى كأس العالم كي لا يصبح السيناريو الذي واجهه عدنان حمد في تصفيات كأس العالم 2010 بحرمانه من تدريب المنتخبات الوطنية مدى الحياة بقرار وزاري قاسٍ منطبقاً على شنيشل وعُرفاً سائِداً بمعاقبة الفاشلين في طريق المونديال.
باختصار .. العزيمة والإصرار والدعم المعنوي ورفع سقف التحدي لعبور الحاجز التايلاندي كخطوة جديدة للانطلاق هو الصوت الوحيد الذي يجب أن يكون صداه مسموعاً الآن للملاك التدريبي واللاعبين ليمنحهم جرعة من الاحساس العالي بالمسؤولية وليكسروا حاجز النحس الذي لازمهم في المباريات السابقة لابد من التذكير بجانب مهم غير مرئي ونعمل عليه بفكر عالٍ..إن اليابان والسعودية لم يكونا مؤهلين للفوز على أسود الرافدين عطفاً على ادائهما الفني العام داخل الميدان لكن الأخطاء الفردية والتحكيمية هي مَن اهدتهما المباراتين، وبالتالي فإن لمسات ذكية وجرعة ثقة متوازنة ستكونا مفتاحي الوصول لإضافة 6 نقاط ثمينة من مواجهتي تايلاند والإمارات قبل الشروع في المرحلة الثانية لاسترداد هيبتنا التي ضاعت أمام المنافسين الآخرين.