السيدة الإيرانية التي نزلت حديثاً في الجوار .. عافت كل الأسئلة المصيرية التي يتعرض لها العراق وإيران ، لتسألني بقلق فاضح :
— هل انت شيعية ام سُنية ؟؟!
لا أخفيكم ، أفحمني السؤال السهل ، الصعب .
اجبتها ، وانا أحاول كتمان غيظ تملكني :: — انا مسلمة ، هل يكفي هذا جواباً ؟؟!
اكتفت السيدة بالجواب . وقلصت علاقتها بي ، واقتصرت على التحية ورد السلام .
…………
هذه الواقعة الآنية ، أيقظت ذاكرتي من سبات . وأعادتني القهقرى لسنوات بعيدة بعيدة ، وبعثت الروح في حادثة لبدت بين طيات الذاكرة .
………
كنت اكبر إخوتي الخمسة — بنين وبنات — وكنت ادري أن أبي من صلب عشيرة مرموقة ، اكتشفت فيما بعد انها شيعية المذهب .. كما اكتشفت — لاحقا — ان أمي سُنية المذهب ، تزور مرقد الإمام الكاظم ، عند طلب حل أزمة ، كما تزور جامع الكيلاني لتوقد شموعا إيفاء لنذر ، او ابتغاء شفاعة،،،،
ذات مساء . وصينية العشاء ممدودة بما قسم الله من أطايب ،، لا ادري أي شيطان وسوس لي ان اسأل سؤالا طارقا:
— بابا ، هل نحن كذا ام هكذا … ووجدتني افرد سبابتي مستقيمة ، ثم ألويها وأعكفها.
فما كان من والدي — عليه الرحمة —إلا أن رمى من يده الملعقة ، لتصطدم بالصينية المعدن وتحدث صوتا كالنشيج ، والوالد يرمقني شزراً ، ويسألني غاضبا : من سألك هذا السؤال ؟؟ قلت متلعثمة :: صديقاتي في المدرسة ،، أجابني :: قولي لهن ، انا لست كذا ولا كذا ،، وراقبته وهو يبسط كفه على سعتها : بل هكذا . قولي لهم انني مسلمة.
……….
من يسجر النيران بين الطوائف والمذاهب كلما اوشك اللهب ان يهمد ويخمد ؟
وما هي مهمة المثقف الحقيقي — من كافة المذاهب والطوائف والأعراق — إن لم يبادر لتعرية المفاسد ولدفن الضغائن والمنابزات التي يثيرها ويؤجج نيرانها البعض لغايات رخيصة ، ليحصدوا ثمارها اليانعات من مناصب ومكاسب وثروات ومغانم ؟.
من ؟؟.
إسلام بلا مذاهب
[post-views]
نشر في: 9 أكتوبر, 2016: 09:01 م