TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مشروع مصري يليق ببغداد

مشروع مصري يليق ببغداد

نشر في: 9 أكتوبر, 2016: 06:56 م

adnan.h@almadapaper.net

النفط ثروة  مهولة، لكنْ ناضبة، بعد خمسين سنة أو مئة على أبعد التقديرات. إذا لم تنضب تماماً فإن قيمتها متدنّية  وكلفتها متفاقمة بمرور السنين مع ظهور البدائل الأقل تكلفةً والأنظف بيئياً، كطاقة الريح وطاقة الشمس، ولا ندري ما الذي يخبّئه المستقبل من طاقات وبدائل للطاقة لا تخطر في بال الآن.
في المقابل ثمة ثروات لا تنضب أبدا.. منذ عشرات آلاف السنين كانت الزراعة الثروة الوحيدة للعراقيين ولسواهم. بعوائدها بنى العراقيون، كما غيرهم، حضارات عظيمة. في نصف القرن الأخير تردّت أحوال الزراعة مع زيادة إنتاج النفط والارتفاع المتواصل في أسعاره.  سوء حظنا هو ما جعلنا نولد ونحيا في بلد نفطي لندمّر ثروتنا التقليدية شرّ تدمير. والآن فإننا نستورد كلّ ما نأكل تقريباً.. حتى الرز التالف نستورده ويريد مسؤولو دولتنا لنا أن نأكله بشهيّة غير متناهية ونقول لهم شكراً ،لأنهم استوردوا لنا رزّاً تالفاً بسبب حشرة يقول هؤلاء المسؤولون إنها مفيدة للصحة!!.. ربّما الأمر فوق مستوى إدراكنا المتواضع ، فقد تكون هذه الحشرة مما يعالج أمراض السرطان وفقر الدم وسواهما مما يبتلي بها العراقيون الآن!
السياحة صارت اليوم مصدراً لثروة مهولة للدول التي  تفيها حقّها وتقدّر قيمتها التي تتجاوز عوائدها المالية الوفيرة إلى المكانة المعنوية التي تحظى بها البلدان السياحية في نفوس الناس من كل الأُمم والشعوب والقارّات.
نحن بلد يمكن له أن يتحصّل على عوائد ماليّة من السياحة وحدها توازي عوائد النفط، وقد تفوقها في أزمان انهيار الأسعار كالزمن الراهن.
مصر من البلدان التي تعيش على السياحة. ويتفنن المصريون في مبادراتهم لترقية الخدمات السياحية واجتذاب المزيد من السيّاح الأجانب والمواطنين. آخر هذه المبادرات مشروع  ينفّذه الجهاز القومي للتنسيق الحضاري لتوثيق المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميّز التي أهمّها مباني القاهرة الخديوية.  فريق من الجهاز قام بتركيب لافتات التوثيق على بعض هذه المباني ، متضمّنة معلومات تشمل سنة البناء والطراز المعماري  لكل مبنى واسم المهندس المعماري الذي صمم خريطة المبنى وأشرف على بنائه. والأكثر أهميّة أنّ لافتات التوثيق تتضمن معلومة تحت عنوان " عاش هنا" . بموجب هذا المشروع سيتعرّف سكّان القاهرة وزوّارها على الشخصيات الأدبية والفنية والعلمية والسياسية والاجتماعية المرموقة  التي سكنت في هذه المباني في مختلف الأحقاب التاريخية. سيتعرّفون على المباني التي سكنها على سبيل المثال أحمد شوقي وسعد زغلول ونجيب محفوظ وأُم كلثوم وعبد الحليم حافظ، وسواهم.
مشروع كهذا تستحقّه عاصمتنا بغداد التي كانت على الدوام مقرّاً ومستقرّاً لشخصيات تاريخية فذّة في مختلف الحقول والميادين.
أعرف أنَّ للنظافة أولوية في بغداد المتحوّلة إلى مكبٍّ للنفايات، وأعرف أنَّ لشبكات الكهرباء والصرف الصحي والماء والتعليم والصحة أولوية مماثلة، لكنَّ تاريخ عاصمتنا وشخصيّاتها يتعيّن أن تكون بين الأولويات، فهذا التاريخ مهدَّد بالاندثار على طريقة اندثار بيت ساسون حسقيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram