TOP

جريدة المدى > عام > فنان الشعب يوسف العاني.. عقود من العطاء الفني

فنان الشعب يوسف العاني.. عقود من العطاء الفني

نشر في: 11 أكتوبر, 2016: 12:01 ص

في اواسط السبعينات، وفي امسية صيفية، كنا مجموعة من الطلبة نخف الى حديقة نادي التعارف القريب من القصر الابيض انذاك، يوم كان هذا النادي مكاناً لأهم النشاطات الثقافية في بغداد.. والمناسبة أمسية يتحدث فيها يوسف العاني عن تجربته.. تكتظ الحديقة بضيوف الامس

في اواسط السبعينات، وفي امسية صيفية، كنا مجموعة من الطلبة نخف الى حديقة نادي التعارف القريب من القصر الابيض انذاك، يوم كان هذا النادي مكاناً لأهم النشاطات الثقافية في بغداد.. والمناسبة أمسية يتحدث فيها يوسف العاني عن تجربته.. تكتظ الحديقة بضيوف الامسية، الذين لم تستوعبهم مقاعد الحفل، فقضوه وقوفاً، اما نحن فقد اعتلينا جدار النادي لنتابع تفاصيله.

هانحن اذن نحظى بلقاء يوسف العاني، وهذه المرة بشكل مباشر، لا عن طريق شاشة السينما او التلفزيون او خشبة المسرح، بالنسبة لي لم يكن يوسف العاني بالغريب.. فلطالما صادفته في ازقة الكرخ بلبوس اكثر من شخصية عايشتها في هذه المحلة العريقة.. ومنها والدي القريب الشبه منه.

اعتاد يوسف العاني ان يقتطع من التقويم يوما بعينه، يوقد فيه شموع الاحتفال، والغريب انه ليس يوم ميلاده.. اما التاريخ فهو الرابع والعشرون من شباط.. ففي مثل هذا اليوم قبل اكثر من ستين عاما، اعتلى العاني خشبة المسرح اول مرة، مؤرخا ولادته الحقيقية، ولادة مسرح عراقي اكتسب ملامحه المميزة وخصوصيته وتقاليده مع رهط من المسرحيين لينهضوا به متبوئاً مكانته العربية والعالمية، وهل لمؤرخ او دارس لمسيرة هذا الفن ان يغفل بصمات هذا الفنان الذي نذر نفسه متعبداً في محرابه؟

يوسف العاني ذاكرة جيل اشتهر بحبه للفن عند تخوم زمن كانت المجاهرة فيه لعنة، والعمل فيه خطيئة تستحق الرجم، فكيف اذا امتشق هذا الفن سيف التحريض والتغيير؟

ما زالت كلماته في تلك الامسية وهو يرد على من يدعي خروج المسرح عن جادته في الاذهان وهو يقول: ان المسرح العراقي بدأ ملتزماً وسيبقى.

فنان متعدد الاهتمامات، ذلك ان الفنان الحقيقي يسعى الى بلورة تصوراته بطرق عدة، فيكون شديد اليقظة مع وجود طاقة شديدة وحالة عالية من التوتر والاستثارة تدفعه الى المواصلة والاستمرار برغم العقبات ... مسرح، سينما، تلفزيون، كتابات نقدية يمارسها، وفي الافق هدف سام يأمل الامساك به من (سوق حمادة) في الكرخ ولم تنته المحاولة بعد.

يوسف العاني عالم تنوعت تضاريسه، وويل لرحالة يجوب فيه لا يتزود بمتاع الموضوعية والانصاف كي يستكشف غناه وعمقه ليخرج بخريطة تزدحم فيها الخطوط والمنحنيات بين مسرح رأس الشليلة، والبيك والسايق والنخلة الباسقة التي يتلذذ من طعم رطبها الجيران، وسينما سعيد افندي وابو هيلة، ويوم يوسف شاهين السادس، مروراً بالتلفزيون حيث ثابت افندي ورائحة القهوة.. وكتابات تناثرت في زوايا الصحف والدوريات تؤكد عمق التجربة ونقاء الانطباع.

واخيراً سفيرا تأبط اوراق اعتماده جوالا فوق العادة في المؤتمرات والملتقيات، ومتوجا كرائد من رواد المسرح العربي والافريقي في قرطاج.. صداقات وعلاقات كانت جسر محبة مع ملل واجناس مختلفة.

رحل العاني ورحلت معه سبعة عقود سمان في عطائها وسخائها ... مسرح، سينما، تلفزيون، كتابه.. تستحق ان تكون دروسا بالفن وحب الفن ...

رحل العاني وستطفأ انوار المسرح إجلالاً له.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

السينما والأدب.. فضاءات العلاقة والتأثير والتلقي

كلمة في أنطون تشيخوف بمناسبة مرور 165 عاما على ميلاده

تنويعات في الوضوح

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

مقالات ذات صلة

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا
عام

الصدفة والحظ.. الحظ الوجودي والحظ التكويني في حياتنا

ديفيد سبيغنهولتر*ترجمة: لطفية الدليميقريباً من منتصف نهار التاسع عشر من آب (أغسطس) عام 1949، وفي محيط من الضباب الكثيف، عندما كانت طائرة من طراز DC-3 العائدة لشركة الخطوط الجوية البريطانية في طريقها من بلفاست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram