في يوم واحد عاش العراقيون نقيضين ، رحيل الفنان الكبير يوسف العاني ، وعودة نواب رئيس الجمهورية إلى مناصبهم ، وكما بشّرنا النائب عن دولة القانون حسين المالكي أنّ " عمّه " السيد نوري المالكي سيعود مع زملائه إلى مناصبهم وأنهم سيحصلون على جميع مخصصاتهم ورواتبهم وامتيازاتهم بأثر رجعي طيلة الفترة التي قضوها خارج المنصب ، والمسافة بين الخبرين ، كالمسافة بين العراق في طوره الحضاري والثقافي ، والعراق في طوره المتخلّف .
ظلّ يوسف العاني على مدى تسعين عاما صورة عن العراق الذي أحبه وعشقه ، لا الطائفية أغرته ، ولا المحاصصة اقتربت من بابه ، كان مثل العراق الذي حلم به ، هادئا ، أنيقاً ، طافحاً بالامل ، ولم يكن يدري أنّ بغداد ستتحول إلى " طولة " لخيل السياسة الذين يترافسون في ما بينهم .
بالامس كان صوت يوسف العاني واضحاً وهو يواسي مرهون في النخلة والجيران : " لتدير بال بغداد مليانة طوايل " ، ففي هذه البلاد فقط ، تقرأ هذا الخبر المثير ، وهو ليس مجرّد خبر عادي، لكنه يصلح عنواناً للمرحلة التي عشنا فيها أحداث مسرحية الضحك على القانون، فبعد ان تم ابتذال مفهوم الإصلاح ، وعشنا مع السيد حيدر العبادي عاماً ونصف العام في هذا الإصلاح الذي لايختلف بالشكل واللون والرائحة عن خطبة الأربعاء " الإصلاحية " التي أطلقها نوري المالكي!، عدنا الى النقطة الاولى حيث أخبرنا " القضاة " أنّ إصلاحنا أعرج وغير قانوني وعلينا أن نعود الى الدستور الذي يخبرنا أن البلاد لن تستريح وتهدأ إلّا إذا كان قوامها ثلاثة نواب لرئيس الجمهورية ومثلهم لرئيس الوزراء ، يتشابه البؤس مع الخراب، وتختلف أرقام وأحجام خسائر الوطن والمواطن، فيما الناس تدفع ثمن ما تجمّع عليها من روزخونيّة ارتدوا زيّ الساسة، خطفوا كل شيء، المال والقانون، والرفاهية، والأمل.
اليوم يحاول البعض القيام بأمكر عمليّة لإنقاذ ساسة ظنّت الناس أنهم سيندثرون ، من خلال استخدام " القانون " وتحذير الناس من انهيار البلاد ، لنجد من يطالب العراقيين جميعا للدفاع عن الدستور الذي ستُنتهك " عفّته " لو غاب نواب رئيس الجمهورية عن صدارة المشهد ، ليطلّ النواب الثلاثة بوجوههم من جديد وهم يبتسمون .. كيف ولماذا؟ ، لايهم ليس أمامك أيها العراقي سوى أن تصدق بيان مجلس القضاء الذي يقول إنّ قرار إقالة نواب الرئيس غير دستوري ! لكنه أي القضاء لاعلاقة له بالامر سواء عاد نواب الرئيس الى مناصبهم أم لم يعودوا ، هذه حزّورة جديدة ، لايهمّ في كل الأحوال الحمد لله على نعمته ان نكون ونظلّ عراقيين على طريقة " يوسف العاني " ، لا على طريقة " نوّاب الرئيس " .
العراق بين رحيل العاني وعودة " الفخامات "
[post-views]
نشر في: 10 أكتوبر, 2016: 06:38 م
جميع التعليقات 2
ام رشا
انا لله وانا اليه راجعون ..نم قرير العين وارقد في سلام وامان ايها الانسان الفنان الراقي العظيم يوسف العاني فالظلم لا يدوم فرسالتك وصلت منذ ان قدمتها من خلال فرقة المسرح الفني الحديث وعلمتنا فيها كيف نقاوم الظلم والجهل والطغاة ..كما علمتنا احترام فنك الرا
ناظر لطيف
رحم الله الفنان يوسف العاني فقد كان العراق في رجل.