بصرف النظر عن ردود الافعال السياسية والشعبية تجاه قرار المحكمة الاتحادية القاضي بإعادة نواب رئيس الجمهورية لمناصبهم ، يتحمل الحزب الحاكم الدعوة الإسلامية مسؤولية دعم رئيس الوزراء حيدر العبادي في تحقيق الإصلاح ، لانه واحد من ابرز قيادات الحزب ، تبنى "الحركة الاصلاحية الشاملة " بدعم من التحالف الوطني ، مع تأييد شعبي سرعان ما تبدد حين وصل الشارع الى قناعة بأن فقاعة الاصلاح مجرد شعار رفعته اطراف سياسية لركوب الموجة على حد وصف منظمي التظاهرات الاحتجاجية.
منصب نائب رئيس الجمهورية في الدولة العراقية "لايحل ولايربط " فرضته التوافقات السياسية وفي بعض الاحيان الخدمة الجهادية ومنح "الرموز الوطنية" مناصب لغرض الترضية ، لتعزيز دورهم في بناء الديمقراطية ، وعلى قاعدة المثلث الشيعي السني الكردي ،النظام البرلماني منح رئيس مجلس الوزراء العديد من الصلاحيات ، أما أصحاب الفخامة نواب الرئيس فدورهم يقتصر على استقبال الضيوف ، والمشاركة في مؤتمرات دولية ، تعقد لبحث قضايا الحفاظ على البيئة .
عودة المخلوعين الى مناصبهم تعني استعادتهم حضورهم في المشهد السياسي ، وتوجيه رسالة الى قواعدهم الشعبية ان وجدت ، بان اصلاحات العبادي فاشلة ، وعلى الجماهير ان تجدد عهد الولاء والبيعة لمن سلم تنظيم داعش ثلاث محافظات عراقية.
بعد نكبة الموصل ومجزرة سبايكر وسجن بادوش وغيرها من الاحداث ، شكل مجلس النواب لجانا تحقيقية لمحاسبة المقصرين ، واحالتهم للقضاء ،بغض النظر عن مناصبهم ومواقعهم ، وقوبل الموقف بتاييد شعبي واسع خاصة من ذوي الضحايا . نتائج التحقيقات وصلت الى السلطة القضائية ،لكنها فضلت تأجيل الحسم النهائي الى اشعار آخر ، ويبدو أن مبدأ الفصل بين السلطات لم يأخذ مفعوله في الساحة العراقية لوجود جهات متنفذة قادرة على ارجاء النظر بالقضايا المصيرية حفاظا على سلامة العملية السياسية من عيون الحاسدين .
معظم العراقيين من جيل السابق والحالي ترسخت في اذهانهم حساسية من الحزب الحاكم، لانه استنادا الى تجارب ووقائع على استعداد لاستخدام السلاح الكيمياوي مقابل الاحتفاظ بالسلطة. من حسنات الربيع العربي في دول المنطقة ،انه كان وراء استحداث منتدى المخلوعين لضم رؤساء سابقين اجبروا على مغادرة مناصبهم بإرادة شعبية ، في الحالة العراقية المسألة معكوسة المخلوع من منصبه بإمكانه العودة الى موقعه على الرغم من تورطه بملفات فساد من العيار الثقيل ، لأنه محصن ومحروس داخل قلعة الحزب الحاكم الواقعة في المنطقة الخضراء.
فريق الخبراء الدوليين المكلف بالتحقيق في ملفات فساد بموجب اتفاق بين الحكومة العراقية ومنظمة الامم المتحدة توصل الى تشخيص الحيتان الكبيرة المتهمة بهدر المال العام طيلة السنوات الماضية ، ومنهم مسؤول اقترب من الانضمام الى منتدى المخلوعين.
منذ اندلاع التظاهرات الاحتجاجية ، كانت المطالب الشعبية بملاحقة ومحاسبة المتورطين بملفات فساد من ابرز شعارات المتظاهرين ، لإنقاذ البلاد من مرحلة" صخام الوجه" السؤال المطروح اليوم امام اصحاب القرار ، هل تستطيع الحكومة اعلان نتائج تحقيق فريق الخبراء الدوليين ؟ ام ستلتزم الصمت حفاظا على سمعة الحزب الحاكم ، ورحم الله المطرب الراحل سعدي الحلي حين قال( أريد اسأل واليسأل جواب يريد).
"مخلوع" محصّن ومحروس
[post-views]
نشر في: 14 أكتوبر, 2016: 09:01 م