تكريم عربي بـ181 ألف صوت، ذلك أقصى ما يتمناه لاعب شاب ضربت نجوميته الملاعب العربية والقارية بقوة عراقية جُبلت على كسر قيود ظروف البلد في أصعب مآسي الزمان تأثيراً في النفوس لكنها لم تقتل الأمل في روحية خليفة أسد الأسود مهند عبدالرحيم ليعتلي منصّة الأفضل في ثلاث مناسبات كبيرة عُدّت حاضنة إبداعه ومروّضة نزعة التحدي ليكون قادمه أكثر طموحاً في رصيد أحلامه وسط الشباك.
ليس من السهل أن تخترق شباك نجوم العرب عبر برنامج (صدى الملاعب) أمثال المغربي عبدالإله الحافظي والجزائري عبدالمؤمن جابو والمصري عبدالله السعيد والإماراتي عمر عبدالرحمن والسوري أسامة أومري والسعودي نواف العابد الذين جاءوا على التوالي بالتسلسلات (2-7) ما بعد مهند برغم الغربلة التي شهدها التصويت على مدى شهر كامل وتقلّص المنافسة بين النجوم من 50 الى 24 وانتهاء بـ 7 لاعبين ما يدلل على أن هناك ثقافة جديدة لجيل واعٍ غزا مواقع التواصل الاجتماعي لا تسيّره عاطفة المواطنة لمنحه صوته، بل تأسر عقله موهبة النجم وأهدافه الساحرة وسلوكه النظيف داخل الملعب.
التكريم العربي هذا جاء بعد أيام من قضّه مضجع التايلانديين برباعية مدوّية أنعشت قلوب العراقيين التي أمرضتها ثلاث هزائم إثنتان منها صادمَتان، ما يعني أنه ماضٍ بحذر في مشواره المونديالي وهو يتحمّل مسؤولية الحسم في أخطر المواجهات الكروية التي تنتظر الأسود أمام الإمارات 15 تشرين الثاني المقبل إما أن يفلح مع زملائه في تأكيد القدرة على مزاحمة متصدّري المجموعة لبلوغ الملحق الآسيوي أو يعلنوا رسمياً لا مقعدَ احتياطياً لنا في قطار موسكو.
صراحة، إن مهند يعي جيداً أنه كلما اضاف منجزاً شخصياً في رحلته الكروية زادت مسؤوليته محلياً ودولياً، فمنذ أن أعتلى مسرح نجوم قارة آسيا يوم 29 تشرين الثاني عام 2012 لتكريمه من الاتحاد الآسيوي للعبة بلقب أفضل لاعب شاب فضلاً عن وصافته هدّاف بطولة العام المذكور بخمسة أهداف راح يبحث عن ضوء ساطع بين جمهوره وحقق ما أراد عندما خطف لقب هداف دوري الكرة للموسم 2015-2016 مع الزوراء باثني عشر هدفاً مناصفة مع مهاجم القوة الجوية حمادي احمد، تزوّد بطاقة مضاعفة ليكون الهداف الأول في العراق على مستوى الأندية والمنتخبات وجاءت الفرصة الذهبية مع راضي شنيشل بمنحه فرصة العمر في التصفيات الحاسمة المؤهلة لمونديال روسيا حيث سجّل حتى الآن 5 اهداف في مرمى السعودية وتايلاند بينما سجل هدفا يتيماً في مرمى فيتنام اثناء المرحلة الثانية في التصفيات.
يحتاج مهند الى معاملة إعلامية – جماهيرية متوازنة تحفظ له مكانته كمشروع نجم كبير في المستقبل لا تحمّله أكثر من طاقته ولا تتربّص به لاحباطه تحت أي مبرر، علاوة على منحه الثقة الكاملة من قبل المدربين سواء في ناديه أو المنتخب الوطني ليستمر في العطاء ويكون منتجاً لنفسه ووطنه كي يحافظ على مستواه الفني ويستزيد الخبرة من خلال المباريات الدولية المستمرة لاسيما أن لياقته البدنية وجسمه الممشوق وذكائه مع الكرة وبدونها ونبذه الأنانية مع زملائه وتكيّفه مع أي لاعب بجواره يمنحه التركيز الذهني والإعتداد بالنفس والرغبة الجامحة ليكون منقذ الأسود في أية دقيقة من دون ان ينسيه ذلك انصهاره تكتيكياً ضمن التوليفة.
وباعتزال الكابتن يونس محمود أسد الأسود بعد سنين خالدة حمل خلالها راية جيل أبطال آسيا وتوّجها بملحمة انسانية في زمن مضطرب لوّنَ لوحة مدن العراق بدماء ضحايا الاقتتال العِرقي وما خلّفه من أدخنة لم تحجب شمس التحدّي التي ولد تحتها أكثر من لاعب تطبّع على مقاومة حظر الملاعب وافلاس اتحاد الكرة وديون الأندية ومعسكرات (الشفقة) ليأتي مهند بالخبر اليقين "كرة الرافدين تبقى أبية وغنيّة" وراح يغمرّ المدرجات بالأفراح ويقدّم نفسه خليفة للسفاح.
خليفة أسد الأسود
[post-views]
نشر في: 15 أكتوبر, 2016: 06:12 م