غالباً ما ينصحنا أصدقاؤنا بتجنب الخوض في (المحظور) دينياً، او ما يسميّه البعض بالخطوط الحمر، وتركه لأنه يثير حفظية الدهماء، مع يقيننا بأن ما نعاني منه، وما اوصلنا الى المآل الخطير في العيش، وما نعاني منه، كبلاد تفتقد أبسط مقومات الحياة لا يقع خارج المحظور هذا.
لم تعد صفحاتنا على الفيسبوك حيزاً للتنزه ولقتل الوقت، ابداً. هي حياتنا مجتمعة في صورة، أو لنقل هي ما يدور حولنا من فواجع وآلام ومسرات ايضاً، وما نتحسسه عن قرب. لذا، لا ينبغي قراءة الصورة المنشورة، والتي يتداولها المئات والآلاف من العراقيين خلال الساعة والساعتين قراءة عابرة.
بالأمس، انتشرت صورة لطفلة بعمر ثلاثة أشهر، وقد شجَّ أحدهم رأسها، وظهرت وهي تغرق بدمائها، ثوب الطفولة الابيض كان أحمر بقسوة. الصورة كانت صادمة، وواضح انها استهْجنت من غالبية المعلقين، شيء جميل، أن نجد أن الذين رفضوا المشهد كانوا الاكثرية، هنالك ترجيح واضح للعقل، وهناك رفض صريح للخرافة وأعمال العنف، التي تمارس على أنها شعائر، وما هي من الشعائر بشيء، هناك مرجعية دينية ترفض ولدينا واقع اجتماعي يرفض أيضاً، وهناك فرصة للتصحيح. ما علينا سوى إيجاد التأطير القانوني لذلك.
في بلادنا التي لم تمارس السياسة فيها بالشكل الصحيح، هناك من ما زال يعتقد بأن السياسة تعمل وتتقرر بحسب رغبات الجماهير، في تسفيه بيّن للعقل، وفي إغفال واضح لإعمال الفكر في التوجيه، ولأن السياسة لدينا لم تدخل مختبر الحكم بناء على تدرج وظيفي، ولم يخض سياسيونا معتركها بوصفها حلبة صراع فكري وممارسة ميدانية، فقد ظلت عملاً من اعمال الحظ، وانتجت لنا زعامات ورئاسة كتل ووزراء وبرلمانيين ما أطلق عليهم مجتمعين بسياسيي الصدفة، أولئك الذين جعلوا من السياسة في العراق واحدة من أكبر مهازل التاريخ الانساني، في ظل غياب واضح للمنهج وفي فوضى أغرقت البلاد في مستنقع الجهل والظلام.
أن تتحول الممارسة الدينية إلى تحقير واضح للعقل فتلك هي المهزلة بعينها، أن تترك الناس تفعل ما بدا لها، من قبيح ووضيع الافعال باسم الدين، باسم الشعائر ، باسم الحسين ، لهو الخراب لا شبيهه، أن تصمت الحكومة عن ذلك كله، وهي تعلم بفداحته على الدين والطائفة، لهو الفساد لا نقيضه، أن تتراجع القيم والمثل العليا التي نادى بها المصلحون والقادة الانسانيون وأمام الكاميرات وتنقله الشاشات للعالم على أنه من أفعال التدين والولاءات لهو السخف لا غيره. ما يتذمر منه عقلاء الطائفة وما يستقبحه الوجدان المحب ويرفضه العقل ويأباه الضمير ويحزُّ في الروح حري بأن يُلفت نظر الحكومة الى تشريع قانون يؤطر ممارسة الشعائر بما يجعل من العاشوراء محط قبول ورضا، لا موضع نفور ورفض.
لو سألتَ أيَّ مطبّر عن سبب اختياره للون الابيض في التطبير لقال لك بأن الدم سيكون واضحاً عليه، أريد أن أري العالم ولائي للحسين، هو اعتقاد خاطئ بكل تاكيد، الحسين لا ينظر للصورة الحمراء في ثوبك، هو مع اللون الابيض الذي عليه روحك ونفسك يا اخي.
ليس الحسين صورة حمراء على ثوبك
[post-views]
نشر في: 15 أكتوبر, 2016: 09:01 م
جميع التعليقات 1
علي العراقي
تحياتي استاذ طالب اصبت وقلت الذي في نفوسنا وضمائرنا وعقولنا ...ولكن لاحياة ولاحياء لمن تنادي ...!!