القوى السياسية المشاركة في الحكومة الحالية تستنكر المحاصصة ، ادعت تبني المشروع الوطني لبناء دولة المؤسسات ، خاضت الانتخابات السابقة تحت شعارات تحمل مضامين وطنية وبرامج من شأنها تحقيق المستقبل الزاهر .
زواج الـ "كصة بكصة" تقليد كان سائدا في الريف العراقي ، فرضته عوامل اقتصادية واجتماعية ، باتفاق شخصين على اقتران الاول من شقيقة الآخر وبالعكس ، في اغلب الأحيان يتعرض هذا النوع من الزواج الى الفشل وينتهي بالطلاق ، لأن الرجلين يعتمدان مبدأ التعامل بالمثل مع زوجتيهما ، سياسية الـ "كصة بكصة " انتقلت الى العلاقات الخارجية بين الدول ، حين تعجز الدبلوماسية عن نزع فتيل المشاكل والأزمات.
الحياة السياسية في العراق تكشف عن شكل آخر من زواج الـ "كصة بكصة" تجسد في تكريس المحاصصة حتى في "التقاسم العادل" في عدد ضحايا أعمال العنف . الأزمة الحالية بين بغداد وانقرة أثبتت ان الأطراف المشاركة في الحكومة الحالية ليست قادرة على بلورة موقف موحد يخدم المصالح الوطنية ، فهناك من لوَّح باستخدام السلاح ضد تركيا في حال رفضها سحب قواتها من ناحية بعشيقة ، وطرف آخر طالب بإنهاء التدخل الإيراني في الشأن العراقي، على هذا الإيقاع في التعامل مع الأزمات، أثبتت القوى العراقية أنها ليست مستعدة للتنازل عن قناعاتها ، مادامت الدوافع المذهبية تشكل برنامج عملها السياسي ، خصوصا انها تزعم تبني الديمقراطية في تنظيماتها الداخلية بطريقتها الخاصة ، فحصل أمينها العام على "سر قفلية" القيادة وليس من المستبعد أن ينتقل المنصب بالوراثة إلى شخص آخر فيصبح الحزب أو التنظيم لصاحبه المناضل أبو فلان .
مطلع عام ألفين وخمسة أعلن رئيس حركة سياسية معارضة للنظام السابق قرب عقد مؤتمر لانتخاب أمين عام حركته وأعضاء المكتب السياسي ، واكد انه يرغب في أن يتولى الشباب قيادة التنظيم ، أما هو فسوف يتخلى عن العمل السياسي ، ويتفرغ لكتابة مذكراته لكشف محطات مهمة في حياته النضالية ، ليطلع عليها الجيل الجديد بوصفها دروساً مهمة في الكفاح ومقارعة النظام الديكتاتوري لتحقيق النظام الديمقراطي.
الزعيم السياسي مازال محتفظاً بمنصبه أميناً عاماً لحركته ، وقبل أيام ذكّره احد الإعلاميين بتصريحه السابق ، فأجاب بأنه قرر الاستجابة لرغبة الجماهير في أن يتولى قيادة التنظيم في هذه المرحلة العصيبة الحرجة لحين توطيد الديمقراطية ، وكأنه يريد القول بتأكيد رفضه تسليم التنظيم إلى مجموعة من "الزعاطيط " تجهل أولويات العمل السياسي. ومن حق الرجل أن يتشبث بالمنصب الحزبي ، لأن غيره توفرت له فرصة تولي منصب في الدولة لمدة ستة اشهر فكتب مذكراته عن تجربته في الحكم ، ليقدم دروساً ونصائح وارشادات لجميع الرؤساء في العالم عن كيفية تحقيق العدل والمساواة ، والتنمية الاقتصادية والبشرية وفلسفته في بناء دولة حديثة .
بعد الاحتلال الأميركي ، عادت الأحزاب العراقية المعروفة بتاريخها العريق لممارسة عملها في الداخل ، وشهدت الساحة السياسية تأسيس واستحداث مئات التنظيمات بعقد مؤتمر لانتخاب الرئيس أو الأمين العام ، تعقبه وليمة غداء يشارك فيها القادة المؤسسون (حفظهم الله) والأعضاء والمؤيدون ، وبالاعتماد على التمويل والدعم المالي مجهول المصدر ، يتم إصدار جريدة تخصص لنشر نشاطات الأمين العام وصورة المؤمن بسياسية كصة بكصة في التعاطي مع الأحداث .
سياسة كصة بكصة
[post-views]
نشر في: 16 أكتوبر, 2016: 09:01 م