اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رمية نصرالله نحو النجف

رمية نصرالله نحو النجف

نشر في: 16 أكتوبر, 2016: 05:54 م

adnan.h@almadapaper.net

وضع زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله طائفيته ومذهبيته جانباً، ليعبِّر بصوت عالي النبرة عن غضبه الشديد حيال الممارسات المشينة الجارية في العراق باسم الطائفة والمذهب ورمزهما السامي الإمام الحسين بن علي، بذريعة أنها "شعائر حسينيّة".
السيد نصر الله الذي ليس في وسع أحد التقليل من شأن التزامه الديني والمذهبي، ندّد بقوّة بكلّ هؤلاء الذين يُطبّرون رؤوسهم، أو يُدمون ظهورهم بضرب السلاسل، أو يمشون في النار الموقدة، أو يُكبّلون أيديهم وأقدامهم ليُقادوا كالحيوانات الأسيرة، أو يكتبون على قمصانهم أنهم "كلاب رقيّة" وما شابه ذلك، أو يجعلون من دمية بائسة لأسد ينهال على رأسه بالضرب رمزاً للإمام علي بن أبي طالب!
بعجب شديد وحرقة واضحة تساءل السيد نصر الله مستنكراً: " هل أهل البيت يريدوننا أن نكون كلاباً؟!"، و" هل تقبل لأبيك أن يكون في صورة دُمية الأسد؟ .. كيف تُشبِّه بها الإمام علي؟!".
كلّ الحقّ مع السيد نصر الله في انتفاضته العارمة هذه، فهنا في العراق يجري تجاوز الحدود ومجانبة المنطق ومجافاة العقل بممارسات تسيء إلى الحسين وقضيّته وإلى المسلمين عموماً وبخاصة الشيعة منهم، وتُظهر الدين الإسلامي في صورة لا تختلف في الجوهر عن الصورة التي يقدّمها داعش وسائر المنظمات الإرهابية عن الإسلام.
في كلّ سنة يتفنّن أصحاب هذه "الشعائر" في ابتكار الجديد الذي لا سابقة له على صعيد هذه الممارسات لمناسبة يوم عاشوراء أو يوم الأربعين. هذه السنة  على سبيل المثال "ابتكروا" لنا تطبير النساء والأطفال الرضّع! وهو ما أثار زوبعة من الاحتجاجات والانتقادات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وخارجه.
هذه الممارسات المتردية في شكلها ومضمونها، خرجت تماماً عن كونها شعائر تُحيي ذكرى الشهادة البطولية للحسين وتُعظّم المأثرة التي اجترحها في ثورته ضد الطغيان والفساد ومن أجل الإصلاح. هذه الممارسات انحرفت بالشعائر الحسينية وحوّلتها إلى "بيزنس" يدرّ على القائمين به والمحرّضين عليه ملايين الدولارات في كلّ موسم.
في عهد طفولتي كان والدي يُضيِّف روزخوناً طوال الأيام العشرة الأولى من محرّم. كانت أجرة ذلك الروزخون أكل بطنه وبعض الهدايا العينيّة، ملابس له ولأولاده، ومبلغاً متواضعاً لا يتجاوز الدينارين أو الثلاثة، وكان ذلك مصدر سعادة كبيرة للروزخون. أما اليوم فإن الروزخونيّة و"الرواديد" الذين عملوا الكثير للدعاية لأنفسهم، لا يقبلون بغير الآلاف من الدولارات عن كل ساعة!
من الواضح أنّ السيد نصرالله لم يكن يخاطب الناس البسطاء الذين يستغفلهم أصحاب البيزنس، فالأرجح أنه كان يتوجّه بكلامه الاستنكاري إلى رجال الدين الشيعة على وجه الخصوص. هؤلاء، بالذات رجال الحوزة في النجف منهم، هم الذين في وسعهم وضع حدّ للإهانات الموجّهة إلى الإمام الحسين وقضيّته، بتوجيه العامّة نحو الكفّ عن هذه الممارسات، ووقف استثمار أصحاب البيزنس لذكرى عاشوراء والأربعين وسائر المناسبات الدينيّة الأليمة.
بكلمته الأخيرة، إنّما ألقى نصرالله بالكرة نحو مرمى النجف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. محمد سعيد

    الممارسات الشاذة باسم الحزن والتعزية علي الحسين تجاوزت ليس فقط المعقول بل استهدفت علي ما يبدو تحويل جزء من المجتمع العراقي الي خراف لديمومه التسلط السياسي لا حزاب تدعي الدين والحفاظ عليه , لذا يتطلب من مرجعيه النجف اصدار فتوي بتحريم مثل ه

  2. بغداد

    أستاذ عدنان حسين فعلاً مقالك اليوم هو من اخطر المواضيع وهو انتشار هذه الضاهرة المرعبة المأساوية في العراق وفي كل سنة في شهر محرم بدعة الشعائر الحسينية وهي بالأحرى طقوس وثنية مأخوذة من الديانات الهندوسية والسيخية ومن العصور المتخلفة الغابرة دخلت الى العراق

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram