كاظم الجماسي طقوس إحياء ذكرى عاشوراء التي يعيشها شعبنا هذه الأيام، فضلاً عن كونها ممارسة لشعائر دينية مقدسة تمثل سمات هوية وطنية، فهي أيضاً سياحة دينية تشكل واحدا من مصادر الدخل الوطني ليس في بلادنا فحسب بل في معظم دول العالم التي تقوم فيها مراقد دينية مقدسة وتمارس فيها شعائر وطقوس.
طوال أربعة عشر قرنا ظل العراقيون يمارسون طقوسهم العاشورائية بغض النظر عن كثافة وحضور تلك الممارسات في المراحل التاريخية المتعاقبة، وقد اتسمت تلك الممارسة بصور مختلفة منها إجراء الثواب من خلال طبخ وتوزيع الطعام بمختلف انواعه بين الناس، وتسيير المواكب الحسينية في معظم مدن وقرى العراق وقصباته، وقوافل من الزائرين القاصدين ضريح الإمام الحسين (ع) خصوصا في ذكرى اربعينيته، الامر الذي نشهده هذه الأيام حيث الملايين من الزوار من داخل العراق وخارجه مازالوا يتوافدون على محافظة كربلاء من شتى الأجناس والاعمار.الأمر الملفت في مشهد هذه الزيارة الضخمة، غياب ملامح صناعة سياحية دينية بالمعنى الحديث للسياحة، حيث يمكن لو توفرت النية والقدرة على التنفيذ صنع الكثير من المرافق السياحية ذات المردودات المجزية، منها على سبيل المثال لا الحصر إقامة شبكة من السكك الحديدية تربط كربلاء بحواضر المدن العراقية الرئيسة وتسيير قطارات سياحية حديثة يمكن لها ان توفر عدة منافع منها راحة الزائرين سيما الأطفال والنساء والشيوخ وتوفير الخدمات الصحية والتثقيفية وغيرها لهم، وكذلك توفير عائدات مالية مناسبة للجهات المستثمرة، وأيضاً الحصول من خلال ذلك على إحصاءات دقيقة لإعداد الزائرين فضلا عن الحصول على نتائج متعددة عبر استطلاعات واستبيانات يمكن ان تقوم بها مراكز بحوث أكاديمية مختلفة.ويمكن أيضاً استثمار محطات استراحة حديثة بين مسافة واخرى، تقدم منها شتى الخدمات للزائرين. كما ان تلك القطارات يمكن من خلالها حصر وتنظيم مواقيت زيارة حشود الزائرين وبنحو سلس وطبيعي يمتص تبعات حالة الاكتظاظ، سيما المخاطر الصحية المحتملة. والفائدة المهمة المستحصلة من هكذا مشروع بعد تلك الفوائد التي ذكرناها، استطاعة القوى الأمنية السيطرة على امن وسلامة الزائرين بنحو أكيد ومضمون.ان الالتفات الى مسألة تأسيس سياحة دينية متطورة في بلادنا يعني في المقام الأول تأسيس بنية حضارية جاذبة تعود بمنافع جمة على الاقتصاد العراقي إذ تشكل موردا أساسياً وجبارا من موارد الدخل القومي للبلاد، عدا منافعها العامة الأخرى.Kjamasi59@yahoo.com
مكاشفة: مورد دخل عظيم
نشر في: 5 فبراير, 2010: 05:49 م