ليس المهم يوسف العاني وإنما المهم المسرح العراقيما قدمه يوسف العاني هو تاريخ طويل من المعاناة الفنية من اجل الثقافة العراقية عموما وبالذات المسرح ، ولهذا يجب ان نجلّه ونحترمه هووزملاءه من الفنانين الرواد ، وما كان يحزنه دائما وصرح به لي بآخر لقاء لنا

ليس المهم يوسف العاني وإنما المهم المسرح العراقي
ما قدمه يوسف العاني هو تاريخ طويل من المعاناة الفنية من اجل الثقافة العراقية عموما وبالذات المسرح ، ولهذا يجب ان نجلّه ونحترمه هووزملاءه من الفنانين الرواد ، وما كان يحزنه دائما وصرح به لي بآخر لقاء لنا في مهرجا ن ايام الشارقة المسرحية هو لماذا المسرح ممنوع في العراق، ويعني لماذا اغلقوا الفرق المسرحية مثل فرقة المسرح الفني الحديث التي تعد واحدة من اهم الفرق المسرحية العراقية والعربية وهو كان رئيسها ،وفرقة الستين كرسي وفرقة المسرح الشعبي وغيرها من الفرق في بغداد وكذلك في المحافظات الأخرى . وكان همه الرئيسي ان تعاد فرقة المسرح الفني الحديث للعمل  من جديد بدلا من تحويلها عمداً الى مكب للنفايات كما هي عليه الآن وهنا تتحمل وزارة الثقافة العراقية مسؤولية كل هذا .
كان المفروض من عائلة الفنان العاني الا توافق على تشييع رسمي له لأن الحكومة الرسمية استغلت موت يوسف العاني اعلامياً ودعائياً لمصلحتها باعتبارها تهتم بالفنانين والفن العراقي وهذا ينافي الحقيقة ، فالذين استغلوا موت يوسف العاني ومشوا بجنازته  ووضعوا تابوته على السيارات الرئاسية هم اركان السياسة العراقية الذين يحكمون العراق الآن وهم من الأحزاب الدينية التي منعت وخلال 13 سنة ومنذ 2003 المسرح والفن عموما واتخذته فقط واجهة رسمية متمثلة بمديرية السينما والمسرح .
كان المفروض ان يشيع يوسف العاني تشييعاً شعبياً فقط والشعب العراقي قادر على احترام  فنانيه ـ والذي أدهشني كثيرا ايضا انه ولا واحد من الفنانين والمسؤولين على الفن العراقي ولا حتى وزارة الثقافة طالبت بإلغاء القرار السري ( الذي لا يعرف احد من الذي اقره) بغلق دور السينم والفرق المسرحية والمطالبة بإعادة الحياة الفنية من جديد . ان وزارة الثقافة وشبكة الإعلا م العراقي يتحملان المسؤولية عن هذا التجاوز على الفنان يوسف العاني والفن العراقي عموما وعلى الإلغاء العمد وفي حرمان العراقيين من التمتع بالفن والجمال ، يؤسفني ويحزنني هذا التلاعب بعقول العراقيين .
تمنيات  يوسف العاني .. الموت على المسرح
 ها نحن قد فقدنا يوسف العاني  في احد مستشفيات عمان ــ الأردن، هو الذي يعتبر احد مؤسسي المسرح العراقي بالرغم من أن  شيخنا الجليل والفنان العارف الراحل حقي الشبلي سبقه بتأسيسه ومن بعده تحمل جيل الرواد تَبِعّة عذابات بناء المسرح ومقاومة مختلف الانظمة العراقية التي كانت تخاف منه فتمنعه .
جيل مسرحي عارف ومتمكن من أدواته المسرحية ممتلك عقلاً نيراً وروحاً وطنيةً عاليةً  مثل ابراهيم جلال وجعفر السعدي وسامي عبد الحميد  والحاج ناجي الراوي وعبد الواحد طه وجعفر علي والذين تبعوهم بعد ذلك مثل استاذنا الجليل والمبهر قاسم محمد وحميد محمد جواد وخليل شوقي وعادل كاظم ونور الدين فارس وطه سالم وفنانات مقتدرات مثل زينب وناهده الرماح وآزادوهي وزكية خليفه وفوزيه عارف  وغيرهن ، وجيل آخر تبعهم  ايضا هو جيلي الذي خطا ذات الخطوات وتمرد عليهم احيانا ومازال حتى اليوم يقدم الكثير وبعناء كبير على خشبة المسرح العراقي بدون تقدير واحترام من قبل الحكومات التي توالت على العراق بعد 2003  . كل هذا يحتم علينا أن نحترم ونجلّ هؤلاء المؤسسين الأوائل .
 والآن فإن سؤالنا المهم هو لماذا كانت شتى الحكومات العراقية تخاف مما يقدم على خشبة المسرح العراقي ؟ وما لذي قدمه هؤلاء الرواد وفي مقدمتهم يوسف العاني وماهي ميزاته الإبداعية ؟
لهذا أحاول أن أرثي يوسف العاني من خلال اكتشافه من جديد وليس البكاء عليه  متذكراً اسلوبه الخاص في تأسيس المسرح الشعبي الذي لامس من خلاله عقل وروح الإنسان العراقي.