TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مسرحية (البستوكة) مثال للمسرح الكوميدي الهادف

مسرحية (البستوكة) مثال للمسرح الكوميدي الهادف

نشر في: 17 أكتوبر, 2016: 09:01 م

ذكرتني مقالة علاء حسن المعنونة (بستوكة دولة الطرشي) التي نشرت في عموده اليومي في جريدة (المدى) الغراء، بعملي الذي قدمته في حدائق الجمعية البغدادية اواخر الستينيات من القرن الماضي. وكان الراحل (عبد الجبار عباس) المشهور بدوره النسائي (أم علي) قد قام باعداد نص الكاتب الايطالي (لويجي ببرانديلو) والمعنون (الجرة) وتحويل لغة ترجمة ذلك النص من العربية الفصحى الى العامية – لهجة من اللهجات العراقية وذلك لكي تكون لغة العرض مناسية لموضوعة المسرحية من جهة ومناسية لشخصياتها من جهة اخرى وكذلك لكي تكون مقبولة من قبل الجمهور عامة، وقد استخدمنا اللهجة في حوارات المسرحية ايضاً لكي ننافس عروض المسرحيات الاجنبية التي كانت الدكتورة (سانحة أمين زكي) تعرقها ويقدمها المخرج (سهام صائب شوكت) في الفرع النسائي لجمعية الهلال الاحمر ومنها مسرحية (قصة مغامرة) للانكليزي (تيرانس راتيكان) ومسرحية (علماء الطبيعة لدورتمات) و(بيكماليون) لجورج برناردشو واردنا في وقتها ان نحذو حذو (سهام) باستخدام اللهجة او اللغة العامية بدلا من اللغة الفصحى التي تترجم بها المسرحيات الاجنبية وهكذا قدمنا مسرحية (البستوكة) ومسرحية (الزوجة الموعودة ثلاثاً) عن مسرحية صينية ومسرحية (مدرسة القشبة) عن مسرحية الانكليزي شريدان (مدرسة النميمة – القيل والقال) ومسرحية صومائيل بيكت (في انتظار غودو) التي ترجمناها باللهجة العراقية.
وللحق أقول باننا في (البستوكة) لم نفكر كما فكر (علاء حسن) بالاسقاط السياسي ضد السلطة الغاشمة آنذاك بل كنا نفكر فقط بتقديم مسرحية كوميدية نظيفة ليس فيها اسفاف وتهريج كما يحدث هذه الايام حيث تقدم عروض مسرحية كوميدية مليئة بالاسفاف والرقاعة والخلاعة والتفاهم وغرضها النزول عند رغبات جمهور العامة واجتذابهم من غير التفكير برفع لمستوى الفني للكوميديا وبالتالي بتهذيب ذائقة الجمهور وهذا ما سارت عليه فرق المسرح التجاري في الخارج وعندنا. ولو رجعتم الى أي كتاب متخصص في الفن المسرحي لوجدتم ان صاحبه يندد بالمسرح التجاري ويكفي ان احيلكم الى المخرج الانكليزي الكبير (بيتر بروك) ولتطلعوا على ما قال عن المسرح التجاري في كتابه المشهور (المكان الخالي) او احيلكم الى الكاتب الاميركي التقدمي واقرأوا ما ذكره عن المسرح التجاري وهذا النوع من المسرح على اختلاف مستوياته الفنية يبغي ارضاء الجمهور واجتذابه بوسائل رخيصة وسهلة ولا اخلاقية احياناً وكل همه هو زيادة رصيد شباك التذاكر وزيادة ثروة المستثمر على حساب العاملين فيه وعلى حساب الذائقة الفنية المهذبة، وهنا أعود الى مسرحية (البستوكة) التي انتجتها فرقة المسرح الفني الحديث في السبعينات من القرن الماضي والتي اخرجتها وحاولت ان اقدمها بمستوى فني رفيع لا ينحدر الى المستوى الواطئ للمسرح التجاري ولكن الذي حدث ان الممثلين والممثلات في المسرحية ،وقد غبت عنهم بضعة أيام، قد انحدروا في ادائهم الى الانحدار نفسه الذي ينزلق فيه ممثلو وممثلات المسرح التجاري وذلك بالانجرار الى ما يريده الجمهور من وسائل اضحاكه بأي ثمن وبأية صورة من صور الاسفاف والرقاعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. اوك العراقي hhaagsg@gmail

    المسرح الحقيقي هو الجاد بما في ذلك الكوميديا التي هي الوجه الاصعب للتراجيديا . المسرح النقي والنظيف مايقصدهالفنان سامي حميد المحترم هو مايجب ان يطور ان الشفق الحقيقي للجقيقة لابمكن تعييره ان العطاء الراسخ وهويتجاوز الترهات . اننا حين نقراء قصائد رامبو الف

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram