adnan.h@almadapaper.net
الموصل تتحرر الآن وداعش ينتحر.. في النهاية لن يصحّ إلّا الصحيح، والصحيح أن داعش وسائر مشاريع السلفية الجهادية والإرهاب إلى انحطاط وانحلال وفناء.
الزمن زمن التحضّر والتمدّن والتقدّم، وليس زمن التقهقر اثني عشر أو ثلاثة عشر قرناً ولو باسم الدين، وداعش ومشروعه، زيادة على ذلك، ليسا منبثقين من أرض العراق وبيئته. القاعدة جاءت من أفغانستان عبر سوريا التي مكّنتها من التدريب داخل أراضيها وسهّلت أمر عبورها الحدود لتفجّر في مدارسنا وجوامعنا وكنائسنا وأسواقنا ومؤسساتنا الحكومية. وداعش ما كان له أن يكون، إن في العراق أو في سوريا، لو لم تقدّم له تركيا الأردوغانية تسهيلات لوجستية فاقت كثيراً التسهيلات السورية المقدّمة الى القاعدة، فإدارة أردوغان تعاملت مع داعش كما لو انه منظمة تركية تعمل لحساب أردوغان شخصياً في سبيل تحقيق أحلامه السلطانية.
الموصل تتحرّر الآن بعد نحو سنتين ونصف السنة من سقوطها السريع والسهل في ربقة الاحتلال الإرهابي. وما كان لسقوطها أن يكون لو لم يكن لدينا نظام سياسي مهترئ بالفساد يصرّ أقطابه على الاحتفاظ به ومنع تحلّله ودفنه المستحقّ، حتى لا يقوم على أنقاضه النظام الديمقراطي الفيدرالي الذي تطلّع إليه الشعب العراقي طويلاً واختاره عندما صوّت للدستور، متحدّياً الارهاب.
الموصل تتحرّرالآن، ولا يتعيّن أن يكون في هذه الأيام بالذات كلامٌ غير الكلام الذي يشدّ من أزر القوّات المسلّحة المتقدّمة ببسالة لمطاردة فلول داعش، ويرفع من معنوياتها، وغير الكلام الذي يطمّن أهل الموصل وسائر مناطق نينوى إلى أنهم مواطنون أعزّة غير مسموح بأيّ نوع من أنواع الإذلال والإهانة التي يمكن أن توجّه إليهم، ففيهم ما يكفيهم من المعاناة المُهلكة التي كابدوها تحت الاحتلال الداعشي.
سقوط الموصل السهل والسريع تبرّأ منه الجميع، حتى أولئك الذين أصدروا أوامرهم إلى القوّات المسلّحة بالانسحاب وترك أهل الموصل وسائر المناطق لمصيرهم، فما من أحد اعترف بالمسؤولية، وما من لجنة تحقيق حكومية أو برلمانية حدّدت المسؤوليات. تحرير الموصل يمكن أن يسعى السياسيون الفاشلون المسؤولون عن تلك النكبة لتحويله إلى سوق للمزايدات والتبجّحات والادّعاءات ومنصّة لإثارة الفتنة التي أطلّت برأسها في الأسابيع الأخيرة بفعل هؤلاء السياسيين الفاشلين الذين يريدون جني ثمار التحرير على حساب صنّاع التحرير، جنود القوات المسلحة وضبّاطها، وعلى حساب أهل الموصل أنفسهم.
قيادة العمليات المشتركة أصدرت الجمعة توجيهات إلى وسائل الإعلام تضمّنت القواعد التي يتوجّب مراعاتها في التغطية الإعلامية لعمليات تحرير الموصل. بالطبع هذا إجراء متوجّب لضمان الانضباط والتحلّي بالمسؤولية الاجتماعية والوطنية على الجبهة الإعلامية. هناك حاجة لعملية ضبط مماثلة على الجبهة السياسية، فثمة الكثير من "السياسيين" غير المنضبطين الذين يسعون إلى ركوب الموجة وانتهاز الفرصة. الحكومة ومجلس النواب مطالبتان بضبط هذه الجبهة، حتى لا ينقلب تحرير الموصل إلى كابوس جديد للعراقيين ولا يتسبّب في محنة أُخرى لهم.