TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة : استخبارات شعبية!!

وقفة : استخبارات شعبية!!

نشر في: 5 فبراير, 2010: 06:06 م

أفـــراح شـوقـــي غالباً ما تطالعنا وسائل الأعلام وقنواتها المتعددة، تعابير ومفردات وصفية جديدة تأخذ مساحة كبيرة في رسم أحوال المشهد السياسي المحتدم منذ سنوات، لتشكل تلك المفردات فيما بعد العلامة الفارقة لمعظم خطب وكلمات ودعوات رجال الساسة والمسؤولين والحكومة، مع التشديد على مخارج حروفها عندما تحلك الظروف وتزداد شدة الخروق الأمنية، ونقترب من ساعة الصفر لبدء جولة الانتخابات المقبلة،
 ولعل احدث تلك المفردات التي تسيدت المشهد العراقي في الآونة الأخيرة مصطلح (الجهاز الاستخباراتي) والذي بدا ان المسؤولين عن أمننا تضايقوا منه وحملوه وزر الانفلات الأمني الكبير الذي طال أهم فنادق بغداد، وحصد معه أرواح العشرات من الأبرياء الذين لقوا حتفهم قبل ان يسمعوا بتلك المصطلحات الجديدة! او حتى يتلمسوا معناها! ولو سلمنا – جدلا- بأن ضعف الجهاز الاستخباراتي هو الحلقة المفقودة في جهازنا الأمني، ومع تمنيات.. ان يكون اكثر فاعلية بحسب تصريحات القادة الأمنيين مؤخراً، نعود لنقول نحن الذين لقنتنا الحياة من قسوتها ما يكفي لنكون ذوي حكمة ودراية أمنية واستخباراتية تفوق ما لدى كل المحللين السياسيين الذين ظهروا على الفضائيات ما بعد أحداث الفين وثلاثة، ولنعرف جيدا اننا بحاجة الى تفعيل تلك اللحمة الوطنية والإنسانية فيما بيننا، والعودة الى عادات أهلنا في مراعاتها أصول الجيرة داخل الحي والشارع والمنطقة، وقتها ما كان أحد ليجهل اسم جاره وأفراد أسرته وأصوله وحتى محل سكنه السابق وعمله، ليس بدافع العمل الاستخباراتي الذي نتحدث عنه، بل لأجل معان تضرب بجذورها في ثقافتنا وسلوكنا اليوم. وبالشأن ذاته كان يعمل مختار المحلة الذي كان بمثابة الاب والاخ الكبير للجميع، وهو يتحلى بالهيبة والاحترام وتتوفر لديه كل المعلومات عن سكنة الحي واعمالهم ولا يدخر وسعاً في حل الخلافات التي تنشأ هنا او هناك قبل ان يجنده النظام السابق ليكون إحدى أدواته في بث الترهيب والرعب لدى الأهالي وهو يحصي ويراقب الفارين من الجندية او إحصاء الأسماء تمهيدا لزجهم في قواطع (الجيش الشعبي)، الامر الذي جرد (المختارية) من ابسط معانيها، ولو ركنا الى الجزء الأول من مهام عمل مختار المحلة، لأمكننا ان نعرف ان (العمل الاستخباراتي) حان دوره الآن لتفعيل مهام المجالس البلدية التي أنشئت عوضاً عن المختار، وهي تتخذ لها مكاناً في كل حي سكني بمعية موظفين من المفروض انهم يتابعون شؤون كل صغيرة وكبيرة تحصل، لكن واقع الحال لا يتطابق مع الهدف الذي وجدت لأجله المجالس البلدية والتي ركن معظمها في الظل وغاب دورها تماماً وأصبحت عبئاً مضافاً على الدولة وهي تطالب بصرف المخصصات والرواتب والامتيازات فقط! وغاب عنها كذلك انها لو فعلت ونشطت دائرة عملها في متابعة شؤون الحي السكني ومعرفة معلومات عن الغرباء الجدد ممن يحلون في الحي بصفة مستأجرين او أصحاب عقارات دون ان يعرف احد ما بوجودهم وطبيعة النشاطات التي يزاولونها او ما يحيط بهم من ظروف مثيرة للريبة، لأمكنهم ان يكونوا أدوات فاعلة لتحجيم عمل المخربين ممن استغلوا غياب الرقيب الاستخباراتي للإحياء الشعبية منها والراقية أيضاً، ولكانوا أداة من أدوات حفظ الأمن والنظام بدلا من التعشش داخل جدران مبنى محصن عن كل ما يحيط به. ان مراجعة حقيقية بين المجالس البلدية وأبناء الحي الواحد لأهمية ان يكونوا عيوناً فاعلة لتفعيل الجانب الأمني خدمة لوطنهم ودرء كيد الحاقدين والسيئين عنه وهو يمر بأصعب مراحله، ربما ستكون طوق النجاة الذي يمنحنا بعضا من الأمل بعراق يفعم بالسلامة والأمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram