أعلنت الحكومة العراقية عن بدء حملة إستعادة مدينة الموصل من مجموعة داعش الإرهابية، يشارك فيها الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية ومتطوعو العشائر العربية السنية والحشد الشعبي. رأس الرمح في هذه الحملة هي الفرقة التاسعة من الجيش العراقي.
ما أهمية ال
أعلنت الحكومة العراقية عن بدء حملة إستعادة مدينة الموصل من مجموعة داعش الإرهابية، يشارك فيها الجيش العراقي وقوات البيشمركة الكردية ومتطوعو العشائر العربية السنية والحشد الشعبي. رأس الرمح في هذه الحملة هي الفرقة التاسعة من الجيش العراقي.
ما أهمية الموصل كمدينة ؟
1 - إنها مدينة كبيرة بمصطلحات الشرق الأوسط. قبل ان تحتلها مجموعة داعش، كان يسكنها نحو مليوني مواطن، لكن منذ سقوطها بيد داعش هرب مئات الآلآف من سكانها و بقي فيها بين 1 – 1.5 مليون نسمة.
2 - مدينة الموصل خلّفت مدينة نينوى العريقة التي تقع في نفس المنطقة. أصبحت منطقة سكنية لأول مرة قبل نحو 8 آلاف سنة، و قبل 5 آلاف سنة كانت مركزاً حضرياً مهماً. كان العراق القديم ينبوعاً للحضارة في الكتابة و الفن و العلوم، كعلم الفلك، والبيروقراطية. في عام 700 قبل الميلاد أصبحت الموصل عاصمةً للإمبراطورية الآشورية الناشئة في ظل الملك سنحاريب التي غزت بابل و فلسطين، وأصبحت حاضرةً كبيرة في ذلك القرن. أرسل النبي يونس الى نينوى لتطهير ذنوبها الكبيرة، لكنه هرب، و قصته معروفة مع الحوت. في عام 612 قبل الميلاد غزا البابليون الجدد والفرس نينوى، فقلّت أهميتها في العالم القديم منذ ذلك الوقت.
3 - إندمجت الموصل في الإمبراطورية الإسلامية المبكرة منذ عام 600 الميلادي و حكمها الأمويون والعباسيون. كانت مركزاً للموسيقى العربية. وفي القرنين الحادي عشر والثاني عشر للميلاد كانت مركز قوة لدولة الأتابكة التي أسسها نور الدين زنكي، والتي قاتلت الصليبيين لكنها لم تتمكن من إستعادة فلسطين.
4 - كانت الموصل شرياناً تجارياً عالمياً رئيسياً من المحيط الهندي الى الخليج العربي، و من وادي نهر دجلة الى حلب السورية و من ثم الى البحر الأبيض المتوسط في ميناء طرابلس اللبناني أو الإسكندرية. يقول المؤرخ بيتر سلاغليت انه في النصف الثاني من عام 1500 عندما سيطر البرتغاليون على المحيط الهندي، فإنتعشت طرق التجارة من الهند عبر أفغانستان و إيران، فكانت القوافل تنزل الى بغداد الصفوية عبر كرمنشاه ثم تتجه شمالاً الى الموصل العثمانية ثم حلب. كانت القوافل تحمل البهارات والملابس القطنية الهندية والحرير الإيراني. كان جوز المرارة يستخدم لصبغ الملابس، فكانت الموصل ترسل 12 ألف حمولة بعير من جوز المرارة الى حلب و من هناك الى أوروبا كل عام أوائل عام 1600 للميلاد.
5 - بعد الحرب العالمية الأولى، لم يكن واضحاً أي من الدول الحديثة التي إنبثقت من الإمبراطورية العثمانية ستحصل على الموصل. في ذلك الوقت كان فيها بعض البترول ما أجج التنافس. لكن كان فيها أيضاً خليطاً من السكّان التركمان والكرد مع أغلبية من العرب السنّة. كانت جمهورية تركيا المستقلة ترغب بالحصول على الموصل، و كان الفرنسيون – الذين إحتلوا سوريا – يريدونها، بينما كان البريطانيون يريدون إلحاقها بالعراق. كما أجرت عصبة الأمم مسحاً للهوية الموصلية فوجدت ان المدينة متنوعة و متعددة اللغات و عالمية. نجح البريطانيون في إقناع الفرنسيين بإعطائها الى مستوطنة لندن الجديدة – العراق – و نجحت في إقناع عصبة الأمم بأن بغداد بحاجة الى الموصل لتكون قابلة للحياة إقتصادياً
. 6- في عام 1939 ، توفي ملك العراق غازي في حادث سيارة، و لم يتضح ما اذا كان حادثاً فعلياً أم إغتيالاً. في ذلك الوقت كان العراقيون واثقين ان عملاء بريطانيا السريين هم وراء الحادث. و عندما خرج القنصل البريطاني في الموصل جورج مونك - ماسون ليحاول تبرئة بلده من المسؤولية، غضبت الحشود و قام أحد القتلة المأجورين بقتل القنصل. كانت الموصل مرتعاً للقومية العربية. لم تحكم بريطانيا العراق و الموصل بطريقة إستعمارية وحشية فحسب إعتماداً على غارات واسعة النطاق وروتينية، بل أنها تخلّت أيضاً عن الإنتداب في فلسطين لصالح المستوطنين اليهود. ذهب الكثير من المعلمين الفلسطينيين الذين لم يعملوا في فلسطين البريطانية الى الموصل للعمل في مدارسها وكان لهم تأثير على تلاميذهم. كان مقتل القنصل عرضاً من أعراض الغضب الشعبي من السيطرة البريطانية في العراق والمنطقة. بعد 19 عاماً ، و في 1958 ، قادت ثورية شعبية مصحوبة بإنقلاب ضباط شباب الى إنهاء النفوذ البريطاني في العراق، حيث قتل رئيس الوزراء الذي نصبته بريطانيا وسُحل في الشوارع.
7 - في العقود الأخيرة، مرّ سكان الموصل من حكم حزب البعث ( 1968 – 2003 ) في ظل دولة الحزب الواحد القومية العربية، العلمانية ، الإشتراكية، التي يهيمن عليها العرب السنّة ، الى الإحتلال الأميركي ( 2003 – 2011 ) ثم حكومة نوري المالكي التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد. و في 2014 سيطر عليها السلفيون المتشددون من مجموعة داعش.
عن : موقع تروث ديغ