adnan.h@almadapaper.net
هجوم عناصر داعش على مدينة كركوك أمس يقدّم سبباً إضافياً وحجةً أخرى للدعوة الملحّة إلى الاكتراث في إطلاق التصريحات وإصدار البيانات المبشّرة بانتصار سهل وسريع على التنظيم الإرهابي وتحرير الموصل وسائر المدن والبلدات التي يحتلها.
داعش ليس بالعدو الذي يمكن الاستهانة بقدراته. عناصر داعش في معضمهم من الأشدّ تطرفاً بين جماعات الإسلام السياسي، لا يبالون بأعداد مَن يقتلون ولا بحجم الدمار الذي يمكن أن تخلّفه عملياتهم الانتحارية ومفخّخاتهم... إنهم متحمّسون لعقيدتهم على نحو جنوني.
فضلاً عن هذا فإنهم قوة ذات بأس.. في حوزتهم أسلحة وذخائر من أحدث وأفضل الأنواع مما استحوذوا عليه من القوات المسلحة العراقية عندما اجتاحوا ثلث مساحة البلاد قبل سنتين. وهم لم يخوضوا أية معارك في ذلك الوقت، فقد وجدوا كل الطرق سالكة تماماً الى المدن والبلدات والقرى التي احتلوها وإلى معسكرات الجيش ومراكز الشرطة، وبالتالي فإنهم احتفظوا بقوتهم، بل نجحوا في تعزيز هذه القوة بآلاف المتطوعين القادمين من مختلف البلدان وبآخرين من السكان المحليين ممّنْ جُنِّدوا طوعاً أو رغماً .
في مطلع العام الماضي عندما بدأت العمليات لتحرير مدينة تكريت أعلن أحد السياسيين/ الميليشياويين متبجّحاً بأن تحرير المدينة سيُنجز في غضون أيام. كما إنه حدّد فترة ستة أشهر لتحرير الموصل. ولم تتحرر تكريت إلا بعد ثلاثة أشهر من تاريخ ذلك الإعلان، فيما لم تبدأ معارك تحرير الموصل إلا بمرور سنة ونصف السنة بعد تحرير تكريت.
المعلومات المُبالغ بها غالباً ما تؤدي إلى النتيجة نفسها التى تنتهي إليها الأكاذيب، وهي نتائج مضرّة ومؤذية.
المهم أن تتحرر الموصل، وليس موعد تحريرها... ومهم أيضاً أن تتحرر الموصل وسواها بأقل ما يُمكن من الخسائر في صفوف أفراد قواتنا المسلحة واسلحتهم ومعداتهم وذخائرهم وفي صفوف السكان، وكذلك بأقل ما يُمكن من الخسائر المادية في الممتلكات العامة والخاصة.
لا ينبغي استعجال التحرير، ولا ينبغي ممارسة ضغط نفسي على قيادات القوات االمنخرطة في هذه الحرب الوطنية. هذه القيادات يجب أن تأخذ الوقت الكافي لتحقيق نصر حاسم وراسخ على داعش.
تحرير الموصل لن يتحقق بمجرد دخول القوات المسلحة إلى المدينة. ثمة خطر حقيقي باق، يتمثل في هجمات مرتدّة من عناصر داعش مثلما يبقى خطر العمليات التي يُمكن أن تقوم بها الخلايا النائمة للتنظيم الإرهابي في المدينة.
هجوم داعش على كركوك أمس لابدّ أن يكون درساً للجميع .. للمتحدّثين باسم القوات المسلحة وللسياسيين الذين يتعامل البعض منهم مع الحرب بوصفها لعبة مسلّية أو فرصة لتحقيق مكاسب شخصية وحزبية. وهذا الدرس هو لنا نحن الإعلاميين أيضاً كيما نكترث في تغطياتنا وتعليقاتنا فلا نفرّط في إشاعة الآمال غير الواقعية.