اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > إشكـالات الروايـة الهنديـة الـمكتـوبـة بالانكليزيـة

إشكـالات الروايـة الهنديـة الـمكتـوبـة بالانكليزيـة

نشر في: 5 فبراير, 2010: 06:42 م

عادل العامل في مشهد يجري مبكراً في رواية شرطة و لصوص لفيكرام تشاندرا، عام 2006 ، بعنوان ( لعبات مقدسة Sacred Games )، كما يقول تشاندراس تشودري في مقاله هذا، يقوم قاطع الطريق الحقيرالشأن غانيش غيتوند ببيع بعض الذهب المسروق و يشعر، للمرة الأولى في حياته، بالثراء و القوة.
و يروح يبحث عن المتعة في الشوارع، فيقدم له قوّاد " حاجة رفيعة المستوى ". لكن ما أن يمضى عليه وقت قليل وحيداً مع العاهرة حتى يشعر بمعنويات عالية. و لم يكن لديه سوى طريقة واحدة ليكتشف ما إذا كانت " حاجته " رفيعة المستوى حقاً كما وعده القواد. و هكذا يأمر المرأة قائلاً " تكلمي الانكليزية ". وعندما تمتثل لأمره، لا يستطيع غيتوند أن يفهم الكلمات، لكن لا يهم. " عرفتُ أنها انكليزية حقاً "، يفكر مع نفسه، " شعرتُ بذلك في فرقعة الحروف الساكنة ". لقد أكسب نطق العاهرة بالانكليزية أجرتها، تماماً مثلما يُتَّهم في الغالب الروائي الهندي الذي يختار أن يكتب بالانكليزية، خاصةً من قبل القراء و النقّاد في الوطن ( الهند )، بكونه غير أصيل أو مستنفد. و النقاش في هذا، بالطبع، قديم، و مليء بالأمتعة التاريخية لماضي الهند الكولونيالي البريطاني. و في الحقيقة، فإن الكتاب الذي يُعتبر الآن الرواية الهندية الأولى، ( زوجة راجموهان )، قد كتُبه بالانكليزية في عام 1864 بانكيم تشاندرا تشاتيرجي، و هو قاضٍ شاب من قضاة الحكم البريطاني في الهند. غير أن التوتر اتخذ شكلاً جديداً وسط اللجوء المتنامي إلى " الرواية العالمية global " ــ القصة المطروحة لا لجمهورٍ قومي و إنما لحمهور على صعيدٍ عالمي، و من هنا فمن الضروري أن تكون مكتوبةً بالانكليزية. و كما أن الرواية الهندية بالانكليزية، المدعومة بمظهرٍ متصاعد للهند في الشؤون العالمية، تجد جمهوراً لها حيثما يتكلم الناس الانكليزية، فإنها غالباً ما تضحِّي كما يبدو بخصوصيات التجربة الهندية لصالح مصطلح مخفَّف يمكنه مخاطبة القراء عبر العالم. و غالباً ما تُستقبَل كتبٌ كهذه على نحوٍ مختلف جداً من قبل أولئك الذين في الوطن و أولئك البعيدين عنه. فمثلاً، فازت ( النمر الأبيض ) لأرافيند أديغا 2008 بجائزة مان بوكر و هي منجز عالمي الآن. و مع هذا فداخل الهند، لم يشكل الكتاب الأفضل مبيعاً قائمة المرشحين القصيرة لجائزة فودافون كروسوَرد بوك، و هي الجائزة الأكثر مهابةً للروايات المكتوبة بالانكليزية. إن استخدام الانكليزية ــ التي غالباً ما تجعل الروائي الهندي كاتباً و مترجماً معاً ــ تولد مشكلات لغةٍ و منظورٍ كبيرة يمكن أن تكون مبعدة للقراء الهنود. و رواية ( لعبات مقدسة ) مكتوبة بلغة انكليزية طنّانة high-flown و غنائية، لكن حتى و الأمر هكذا، فإن القاريء مقتنع بأن راويها قاطع طريق غير متعلم لأن تشاندرا يُطعِّم انكليزيته بكلمات هندية Hindi رنانة يتركها غير مترجمة. وفالرواية، و مثلما فعلت ( أطفال منتصف الليل ) لسلمان رشدي قبل جيلٍ مضى، تولّد لغتها هي، لا اللغة المقلّدة imitative كلياً و لا المخترَعَة بشكلٍ كامل. لكن بأيدي كتَّابٍ أقل شأناً، فإن الكثير من نوعية و شحنة الحياة الهندية تضيع ببساطة عند نقلها إلى الانكليزية، لتصبح أكثر شحوباً، و أضعف، و أشد تبسيطاً. وهكذا فإن ما يجده القراء حول العالم بشكل متكرر مفعماً بالثقافة، و مليئاً بالحيوية و مثيراً بشأن الروايات الهندية المتيسرة لهم بالانكليزية غالباً ما يحس به القراء الهنود باهتاً، و تكرارياً، و سطحياً. و الحقيقة أن العولمة قد تمخّضت عن نوعٍ من الرواية الهندية ( الآسيوية الجنوبية، في الواقع ) المتّسمة بالتكرار أو الابتذال التي تبدو، حتى و هي تروي قصةً، و كأنها كتاب تمهيدي في التاريخ، و السياسة، و الثقافة الهندية أو الباكستانية، مقدّمةً على نحوٍ واعٍ قطعاً من التاريخ المعلّب و الشرح السياقي الذي يبدو سخيفاً و هو يأتي من شخصياتٍ مجذَّرة في عالم خاص. فروايات كهذه تستخدم نموذجياً التاريخ كعكّازة، معلّقةً حكاياتها على مشجب حروب الاستقلال، و الثورات، و الاغتيالات الشهيرة، أو أية أحداث عامة أخرى. لكنها بالنسبة لكل لوحتها الملحمية، غالباً ما تكون تافهة و عديمة الطموح روائياً، و راضية في قسمها الأعظم بتكرار الإيماءات المألوفة لواقعيةٍ أصابها الوهن. و إذا أجرينا مقارنةً، فإن بعض أفضل الروايات الهندية للعقدين الماضيين، سواء بالانكليزية أو بالترجمة، غير معروفة إلى درجة كبيرة بالنسبة للقرّاء الأميركيين. و المثال الكلاسيكي على ذلك هي ) Cuckold ) 1997، التي تجري أحداثها في مملكة ميوُور في القرن السادس عشر و التي تُروى بإنكليزية غنية و قوية تعادل أفضل كتابة نثرية هندية بالانكليزية اليوم. و المثال الآخر هو رواية فاكر موهان سيناباتي (Six Acres and a Third )، المنشورة للمرة الأولى قبل أكثر من مئة سنة لكنها ترجمت إلى الآنكليزية فقط مؤخراً. و لقد كانت استجابة النقاد الهنود لما يُدعى بالرواية العالمية على نحوٍ متكرر هي استثمار الأدب القصصي للغات الهندية الإقليمية مع رقعة " أصيل " السحرية. لكن وجهة النظر هذه نفسها هي مثال على التفكير الثنائي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram