من عوالم الموصل وشوارعها الشهيرة وتحديداً من شارعي حلب والنجفي تنطلق أحداث رواية البرج الأحمر الصادرة عن دار المدى للكاتب والشاعر هاشم شفيق، والذي تناول محنة العراقيين على مدار الخمسة عقود الأخيرة، وكيف تنقلوا من محنة إلى أخرى، تلك المحن التي رافقها
من عوالم الموصل وشوارعها الشهيرة وتحديداً من شارعي حلب والنجفي تنطلق أحداث رواية البرج الأحمر الصادرة عن دار المدى للكاتب والشاعر هاشم شفيق، والذي تناول محنة العراقيين على مدار الخمسة عقود الأخيرة، وكيف تنقلوا من محنة إلى أخرى، تلك المحن التي رافقها الموت والتغييب والهجرة والبحث عن الخلاص حتى وإن كان مؤقتاً.
في روايته هذه والتي اعتمد فيها الكاتب على سلاسة اللغة الشعرية المتدفقة بأحداث موثّقة دخل معها المخيل السردي، حيث اعتمد على ساردٍ ذكي متوغل بعمق الحدث الرئيس والذي تشظى إلى جملة أحداث مرتبطة بحقائب السفر لابطاله والتي غالباً ما كانت حقائب ظهر صغيرة تكفي لمتاع وطعام أيّاماً. كما لعب هذا السارد دور البطل المشترك فيما حصل لأبطال الرواية الآخرين الذين لم يكونوا بعيدين عنها فجلّهم مرتبط معه بعلاقة قرابة.
تشترك خيوط الرواية بالمحنة والخلاص منها وسبل ذلك الخلاص الذي تنغلق كل أبوابه في الداخل بعد أن أحكم النظام سطوته ليكون الهروب الخلاص الأخير، إلا أن سقوط النظام لايعني نهاية المحنة التي جددت نفسها وعاود الناس البحث عن الخلاص حتى وصلوا إلى الهروب مرة أخرى.
عوالم رواية (البرج الأحمر) لها ولوج خاص في الوجع العراقي وإشكالاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والتي دخلها الكاتب عبر أحداث متوالية ومتشابكة مع الحدث الرئيس للرواية الذي انطلق من صالون حلاقة في مدينة الموصل وعلى لسان صبي لحلاق عبثي أوصله البحث عن الخلاص من الجندية أيام الحرب العراقية - الإيرانية إلى أن يكون حلاق الرئيس (في القصر الجمهوري) والذي تسبب خدش صغير جداً برقبة الرئيس إلى رميه بقعر سجن عاود النجاة منه بوساطة ليطلق العنان لنفسه بالهرب والبحث عن حياة أخرى، تاركاً هذا الإرث إلى ولده النصف شرعي (طارق) الذي تحول الى رحّالة يبحث عن سر وجوده، الأب الذي تركه في أحشاء أمه وهرب، طارق الذي كان ثمن ليلة حمراء حيث عبثت الخمرة بأبيه وأمه وهما يحصيان أيام الفراق التي قضاها الأب بالسجن (الجمهوري) لتحل تلك الرغبة في لحظة مجنونة أجبرتهما في الصباح على كتابة قسيمة زواج وبشهادة أحد رجال الدين.
رواية (البرج الأحمر) وعبر شخوصها (لويس وعمه الحلاق مكسيم وابنه طارق) لاتقف عند حدود معينة فهي عابرة للهويات والتعريف القاصر للمكونات، مثلما استطاعت الحفر بالذاكرة العراقية واستعادة أحداث ليست ببعيدة لكن ماحدث بعد نيسان 2003 جعل من تلك الأحداث هامشاً لا أحداثاً جديدة أكثر فتكاً وعنفاً، انتهى السارد من رويه في صالون حلاقة أيضاً لكن هذه المرّة في غرب مدينة لندن.