يبدو ان تعريف المثقف يأخذ اتساعاتٍ عديدةً، حتى بات التعريفُ متناسلاً ومرتبطاً بالحراك الثقافي ذاته.. ولأن المثقفَ كتعريفٍ له عمق في التاريخ ربما بعمق اللّغةِ، فإن تعريفه بات يخضع للفترات الزمنية ذاتها والعصر الذي انتج التعريف، كونه كان محمولاً وفهماً
يبدو ان تعريف المثقف يأخذ اتساعاتٍ عديدةً، حتى بات التعريفُ متناسلاً ومرتبطاً بالحراك الثقافي ذاته.. ولأن المثقفَ كتعريفٍ له عمق في التاريخ ربما بعمق اللّغةِ، فإن تعريفه بات يخضع للفترات الزمنية ذاتها والعصر الذي انتج التعريف، كونه كان محمولاً وفهماً دالاً على تلك المرحلة.. ولأن المثقفَ حراكٌ أيضا فإن الحراكَ الثقافي يأخذ أهميته حين يجد المثقفُ مساحةً واسعةً من التحركِ والتأثير..
المثقفُ عنوانٌ يراد له ان يكون تحت الضوء، لكي يؤثر بالذي يراه فيكتشف ما ينقص من وعي الناظر.. ولذا فإن العصر وزمانه أيضا يعد مؤثراً في اطلاق كلمة المثقف وتعريفه، والمعرّف أيضا يخضع لبيئته.. فمنهم من اعتبره استقامةَ السهم وتشذيبه، وهذا يعني إن العصر والبيئة البدوية والحربية أثرت بشكلٍ جدّي على مطلق التعريف ومن نقله أيضا.. لأن التعريف يحتاج الى وساطة نقلٍ الى الآخرين قبل أن تتواجد عوامل الترجمة وطباعة الكتب والانتشار الواسع من التقنيات.. ولأن تعريفَ المثقفِ يحيل الى تساؤلٍ منطقي ومفيد لتحديد الهوية الاصطلاحية من جهة، وتحديد مفهومه لبث الوعي.. من هو المثقف؟ وهنا تكمن المسافة الفاصلة بين التعريف والإسناد.. وبين الإسناد والتوصيف الصحيح.. وبين التوصيف وتحديد الملامح.. وبين الملاح وعلامات الثقافة ..وبين الثقافة وعلاماتها وتأثيرها على المجتمع وأهمية حضورها في المجتمع..إذن فإن الجدلية دائمةٌ بحضور هذا التعدد الكبير والكثير في تعريف المثقف..ولأن التعريف الأكثر معرفة بحسب القواميس هو ( رَجُلٌ مُثَقَّفٌ :- : مُتَعَلِّمٌ ، مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْمَعَارِفِ ، أَيْ ذُو ثَقَافَةٍ) ولأن الأمر لم يتركه المفكرون والفلاسفة إلا واشبعوه تمحيصاً وقولاً وحكمةً، بحسب عصرهم وثقافتهم وتأثيره على بلدهم وكيفية انسجامه مع الأيديولوجيات أيضا في زمن التعريف..فمنهم وبحسب ماعرَّف مجمع اللغة العربية (كل ما فيه استنارةٌ للذهن، وتهذيبٌ للذوقِ، وتنميةٌ لِمَلَكة النقد والحُكْم لدى الفرد والمجتمع).. كما أن المثقف في المفهوم الاصطلاحي هو ( ناقدٌ اجتماعيٌّ، همُّه أن يحدِّد، ويحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظامٍ أكثر إنسانية، وأكثر عقلانية.. كما أنه الممثِّل لقوَّةٍ محرِّكةٍ اجتماعيًّا، يمتلك من خلالها القدرةَ على تطوير المجتمع، من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية)ولهذا فان والمثقف كما يذكر آخرون هو (يملك قدرًا من الثقافة التي تؤهله لقدرٍ من النظرة الشمولية، وقدرٍ من الالتزام الفكري والسياسي تجاه مجتمعه، وهو مبدع كل يوم، يستطيع بهذا الإبداع الثقافي أن يفصل بين تهذيبات القول وتجليات الفكر، بين الثقافة وعدم الثقافة، بين التحضر والتطور) إلا إن المفكر الدكتور سيار الجميل يعرف المثقف بأنه (ذلك الإنسان المبدع الذي يقدم للناس شيئاً جديداً يبهر الناس) وهو ما يعني ان المثقف من يعي ما حوله وما يريد.. ولأن الفعل الثقافي يحدد هوية المثقف فلا معنى للمثقف دون فعل وحراك وتأثير بالآخر ولا معنى للثقافة بدون مثقفين يشيرون الى العمل المؤثر وبالتالي المغير في الحياة سواء منها الاجتماعية او السياسية وحتى الدينية منها لان رجل الدين رجل مثقف بالضرورة يؤثر في محيطه فان التعريف الذي يمكن طرحه في الوقت الراهن والذي يأتي بحسب تصورنا من زمن معاش وعصر جمع كل التعريفات والازمان السابقة في بودقة الحياة الجديدة فهو إذن( المثقف من يدرك ما بداخله وما حوله. .المثقف الذي يمتلك مخيلة ووعيا قابلا للتأثير والتأثر..المثقف من يعطي الضوء في جدلية لم تتوضح معالمها).