أحد سياسيّي الصدفة في العراق منزعج لأنّ مواقع التواصل الاجتماعي ضاجّة بحملة تقريع وتنديد بمَنْ يصفهم هو بـ "الزعامات السياسيّة"، في إشارة الى أعضاء مجلس النواب وقيادات القوى المتنفذة في المجلس والحكومة، على خلفية تشريع قانون الواردات البلدية الذي يفرض لأول مرة في تاريخ العراق حظراً على صناعة الخمور وبيعها وشربها.
سياسي الصدفة هذا من فلول النظام السابق، وربما كان أقصى أحلامه بعد إطاحة نظامه البقاء على قيد الحياة وتأمين حياته بوظيفة متواضعة، قبل أن يجعل منه نظام المحاصصة والصفقات السياسية الفاسدة لأحزاب الإسلام السياسي الحاكمة عضواً في مجلس النواب. هو يرى أنّ الطعن في الزعامات السياسية من شأنه تقويض أركان الديمقراطية!
لأنه، كما معظم أعضاء مجلس النواب في دوراته المختلفة، سياسي صدفة فإنه يقول كلاماً كهذا .. هو لم يرَ في القانون انتهاكاً لمبادئ الدستور وأحكامه، ولم يجد فيه تجاوزاً على الحريّات والحقوق الفردية التي كفلها الدستور، مع أنه يتمتّع بكامل حقوقه وحرياته في المرابع الليلية في عمّان وبيروت وسواهما بأموال الشعب التي يستحوذ عليها في صورة راتبه كعضو في مجلس النواب سابقاً وعضو متقاعد حالياً يعمل للعودة الى كرسي النيابة أو احتلال منصب حكومي.
على مدى السنوات الماضية ازدحمت مواقع التواصل الاجتماعي بأوصاف لمجلس النواب وأعضائه وسائر أفراد الطبقة السياسية المتنفذة، كنتُ على الدوام لا أستسيغها، فلستُ مِن المؤيدين لاستسهال الكلام عبر هذه المواقع أو حتى في المقاهي. واحدة من المفردات الشائعة لتوصيف مجلس النواب على وجه الخصوص هي "الطولة"، أي الإسطبل أو الحظيرة. الذين يستخدمون هذه المفردة دافعهم تحقير المجلس وأعضائه بعدما أُصيب الناس بخيبة أمل كبيرة حيال ما تفعله الطبقة السياسية المتنفذة .
في الغالب كنتُ أُستَفزُّ لإطلاق هذه الصفة على مجلس النواب الذي فيه شخصيات سياسية وطنية محترمة، بعضهم تربطني به علاقة صداقة، يناهضون كلّ هذا الخراب المحيط بنا الذي يقف وراءه أعضاء في مجلس النواب والحكومة في الدورات المختلفة ومن خلفهم قياداتهم. الآن يمكنني أن أتفهم بمقدار ما لماذا لم يجد الكثير من المدوّنين العراقيين بُدّاً من تشبيه مجلس النواب بـ "الطولة".
في "الطولة" تترافس الحيوانات، وفيها تلقي بفضلاتها. في مجلس النواب كثيراً ما حصل ما يماثل هذا. أعضاء في المجلس لم يتورّعوا عن الترافس ليس فقط بالكلام البذيء وإنما أيضاً بالأيدي والأرجل، ولا أظن أن أحداً قد نسي ما فعله بعض النواب يوم حضر رئيس الوزراء حيدر العبادي الى البرلمان ليقدّم له قائمة الوزراء التكنوقراط ، فإحدى النائبات على سبيل المثال لم تتردّد عن رمي السيد العبادي بقناني الماء وسواها مما وقع في يديها من دون أي مبرّر سوى أنّ العبادي كان قد رضي بأن يكون رئيساً للحكومة بدلاً من صاحب الولاية الثالثة الذي تدين له النائبة، وهي من فلول النظام السابق أيضاً، بالولاء والتبعية.
الكثير مما فعله العديد من النواب في مجلسهم يشبه ما تفعله الحيوانات في "طولتها" .. قانون إيرادات البلديات وقبله قانون العفو العام، يشبهان تماماً الروث الذي تخلّفه الحيوانات في "الطولة".
مؤسف ومحزن وموجع للغاية أن تؤول نضالات الشعب العراقي وتضحياته الجسيمة إلى أن يكون لديه برلمان يراه البعض "طولة"!
برلمان .. وليس "طولة"!
[post-views]
نشر في: 24 أكتوبر, 2016: 06:21 م
جميع التعليقات 3
أبو أثير
والله يا أخي الكاتب لكريم .. الطولة مال الزمايل والحمير والخيل أشرف وأحسن من طولة مجلس النواب العراقي ... على ألأقل الحيوانات لا تؤذي المواطن وألأنسان والحيوان .. أما هؤلاء الزعرانين الهتلية فقد دمروا العراق وأهله في كل يوم يقضونها في طوايل مجلس النواب ..
كمال يلدو
اروع وصف لجمهرة الحيوانات الحاكمة طولة!
علاء البياتي
عزيزي عدنان يؤسفني أن اختلف معك بمفرده أود أن تقف عندها..النظام الحالي ليس نظاما ديمقراطيا. .الانتخابات هي مفردة واحدة من مفردات الديمقراطيه. .النظام البائد أيضا كان يجري انتخابات للمجلس الوطني ..وكنا نقول أنه نظام ديكتاتوري. .اليوم دكتاتوريات الأحزاب ا