TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الموصل وسباق الحذوة والكمّاشة

الموصل وسباق الحذوة والكمّاشة

نشر في: 26 أكتوبر, 2016: 06:34 م

في خضم المعارك الدائرة لاستعادة الموصل، وخلف صور البطولة التي تسجلها قواتنا في قوس المواجهة الممتد من القيارة والشورة جنوباً الى بعشيقة شمالا، ثمة رؤيتان تتنافسان على تشكيل ملامح النصر على داعش.
ومع دخولنا الاسبوع الثاني لأكبر "سَوق عسكري" يشهده العراق منذ احتلاله في 2003، فإن مشهد التنافس الداخلي والإقليمي بدا أكثر وضوحاً. كما أن سير العمليات يعطي صورة عن طبيعة الصفقات والاتفاقات التي سبقت انطلاق العمليات العسكرية.
وتعتمد الرؤية الأُولى شعار "حذوة الحصان". وهي رؤية عسكرية وسياسية، في نفس الوقت، تعبّر عن العمليات، التي انطلقت في 17 تشرين الأول الجاري، وأدوار كل من اللاعبين على الارض.
أنصار هذه الرؤية يراهنون على مواصلة الضغط على داعش من عدة جهات، بهدف دفع التنظيم الى خارج الموصل بعملية عسكرية نظيفة وسريعة، تحافظ على المدينة أولاً، وتحول دون إثارة موجة نزوح مليونية.
ويسعى مخططو وراسمو هذه الستراتيجية العسكرية الى تحرير الموصل أو دخول مركز المدينة، على أقل تقدير، قبل انطلاق الانتخابات الاميركية مطلع الشهر المقبل. ويعتمد هذا المسعى على خلق متغيرات ميدانية، بالتزامن مع المعارك الدائرة على حدود الموصل، كتشجيع انتفاضة داخلية تتولى فتح معركة وراء خطوط العدو، كما تسعى لتفتيت النواة الداخلية للتنظيم عبر تشجيع الانشقاقات واستثمار التناقضات والصراعات بين قيادات التنظيم، مقابل وعود وصفقات معينة.
وليس خافياً، فإن الرؤية تضع تحرير الموصل كهدف نهائي للعملية العسكرية، يجب تحقيقه بأسرع وقت، وأقل الخسائر، بالتعويل على الدعم اللوجستي الدولي لاختصار عمر الحرب.
وبحسب المعطيات الميدانية فإن "الحذوة" ستتقدم من المحورين الشرقي والجنوبي باتجاه مركز الموصل، من خلال قضم الارض بشكل تدريجي، ابتداءً من الساحل الأيسر، ثم الساحل الأيمن.
ويبقي مسرح العمليات الحالي على المحور الغربي خالياً ومفتوحاً، بهدف إفساح المجال أمام مسلّحي داعش لمغادرة المدينة باتجاه صحراء البعاج والقائم، أو حتى الانتقال إلى سوريا.
لقد بنى واضعو هذه الرؤية ستراتيجيّتهم على فرضية أنّ التنظيم لن يخوض قتالاً شرساً داخل الموصل القديمة، إذا ما تعرّض الى ضغط عسكري كبير، كما حدث في الفلوجة أو بيجي ومناطق أخرى، وانه سيفضّل الانسحاب على المواجهة.
كما تفترض هذه الرؤية أيضا أنّ داعش لن يرسل تعزيزات عسكرية عبر خط إمداد الموصل / الرقة – دير الزور، للدفاع عن "عاصمة الخلافة".
ومن مجمل الفرضيات المتقدمة، يتجلّى حجم الاستهانة بالعدو وعقليته العسكرية، كما تتجلى خطورة رهانات هذه الرؤية التي قدّمت لنا نماذج مثل كوباني وسنجار والرمادي، أكملت ما بدأته داعش في العراق وسوريا.
في موازاة ذلك، تتكشف رؤية أُخرى ترفع شعار "الكماشة"، كستراتيجية عسكرية لإنجاز مهمة مزدوجة الأهداف، تتمثل بتحرير الموصل، والقضاء على التنظيم، أو تدمير مركز القيادة والسيطرة التابعة له في العراق، كأضعف الإيمان.
وتسعى رؤية "الكماشة" للإطباق على التنظيم انطلاقاً من الجنوب الى الشمال، في قوس يبدأ من الحويجة شرقاً الى القائم وحديثة وراوة غرباً، والانقضاض على داعش في الموصل.
ويحذّر أنصار هذه الرؤية، من مخاطر التركيز على التحرير والتهاون عن التطهير، الأمر الذي يحوّل المناطق المحرَّرة الى بؤر استنزاف للقوات الامنية على المدى المنظور. ويستشهد هؤلاء بتجربتي الرطبة والحويجة الأخيرتين، بوصفها جيوباً أصبحت، بفعل قصور الرؤية العسكرية والأمنية، منطلقاً لزعزعة الأمن مرّة أخرى.
يلاحظ أنّ هذه الرؤية غير محكومة بأجندات ولا تعمل وفق توقيتات معينة، وهي الأقرب الى فهم تعقيدات كل معركة ومتطلباتها، كما أنّ التجارب أثبتت أنها الأكثر تفهماً للعقلية التي يدير بها داعش عملياته.
حتى اللحظة، يبدو أنّ القرار الرسمي ينحاز الى الرؤية الأولى نظراً لارتباطها الوثيق بتفاهمات إقليمية ودولية جرت تحت مظلة التحالف الدولي بقيادة واشنطن. تطور العمليات، في الأسابيع المقبلة، كفيل بترجيح كفّة الحذوة أو الكمّاشة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram