تشهد الساحة الرياضية عروضاً مجانية في فنون القتال الكلامي والتشهير ومحاولات تسديد اللكمات التسقيطية من قبل بعض الإعلاميين والصحفيين الرياضيين لزملاء لهم في المهنة تحت عناوين كبيرة تأخذ من الحرص والحرية المطلقة غير المقيّدة ستاراً لها في الترويج عن نفسها وفرض واقع جديد غير مألوف سابقاً يمكن أن نطلق عليه صراع من أجل البقاء ليس للأفضل، بل لمن هو أكثر دهاءً ومَكراً في اصطياد المواقف ومحاولة تفسيرها وفق أهواءه التي لا تتعدى بين القبض على الشهرة أو الانتصار لجهة تتفق معه في الهدف والرؤية.
فوضى عارمة بدأت تطيح شيئاً فشيئاً بتاج الصحافة الرياضية من دون أن تكون هناك قيود أخلاقية ومهنية تُلجم مَن يتمادى في الإيغال بهواية قيادة الحملات عبر القنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على قدسية الفكر الإنساني ومحاولة تجييش الأصوات المناصرة لهم تحت ذريعة حب الوطن والحيادية لضمان بقاءهم في دائرة الضوء كلاعبين اساسيين وممثلين وحيدين لصوت الصحافة وفي ذات الوقت اسقاط المخالفين لطروحاتهم واسكاتهم بعد ان يقذفوا بهم في أتون شك الجماهير بنواياهم.
لقد وصل الحال عند البعض أن يختزل واجبه المهني بالبحث عن الإثارة واستدراج ضيوفه لتأجيج الصراعات كهدف اساسي لديمومة ظهوره ومن ثم استغلال البرامج في تصفية خلافاته الشخصية مع الآخرين ثم تراه ينقلب فجأة في الطعن بمصداقية ما تطرحه الصحافة الرياضية ويُشكِل عليها حق احترافيتها في تقديم مادتها الرصينة وكشف الحقائق غير المحرّفة للجمهور الرياضي بذريعة عدم ملائمة الوقت بينما يتناسى سياط النقد الجهوري الذي كان يمارسه في أوقات عصيبة عندما كان المنتخب الوطني يمر بظروف استثنائية بسبب الخسائر المتتالية في تصفيات كأس العالم الحالية من دون أن يتذكر لحظة اهمية الوقت الذي يتباكى عليه !
انها المزاجية والإزدواجية في التعامل والتصرف بدأت تطغى على المشهد الصحفي وباتت تؤسس الى فرق متناحرة بدلاً من أن تلتئِم وتتوحد تحت سقف واحد وتصطف كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً من أجل خدمة الكلمة والرياضة العراقية من دون اقحامها بجوانب أخرى بعيدة عن أهدافها وتوجهاتها يتألق فيه مَن يؤثر في تصحيح المسار ويسهم في تطوير خطوات اللحاق بركب الرياضة العالمية فيصفق له الجميع ويُثني عليه ويرفع من شأنه ومن يتعثر في خطواته أو تنحرف تصرفاته بعيداً عن المهنية بغير قصد فالنصيحة والتقويم ضمن اركان البيت الصحفي هي خير علاج وليس التسقيط والتشهير العلني.
باختصار.. لقد أصبحنا في حاجة الى توجيه النقد الذاتي للعمل الصحفي والإعلامي الرياضي أولاً بكل صراحة وشفافية والى تدخل فوري من اتحاد الصحافة الرياضية والرواد والكفاءات المشهود لها من أجل عقد اللقاءات والتباحث في صيغة إلزامية تعيد تنظيم العلاقات بين كل الأطراف وتطرح آلية تحفظ الحقوق وتحمي ما تبقى لدينا من أقلام واصوات مهنية "صادقة ونظيفة" وخاصة ونحن نشاهد تلك المنظومة تتلقى ضربات موجعة أطاحت بوحدة كلمتها وشتت مواقفها بعد ان اصيب نظامها الفكري بفايروس هجين مستورد من خارج الحدود يعمل على مسح ذاكرة الأجيال الحالية لصورة العمل الجمعي ومبادىء الزمالة المهنية ويؤسس لنهج جديدة لا دور فيه لمن يكتب بصدق ضمن المصلحة العامة بينما يخلق ابطال من ورق فقط لأنهم بارعون في تزييف الحقيقة!
فايروس صحفي
[post-views]
نشر في: 28 أكتوبر, 2016: 09:01 م