جمهورية الكونغو الديمقراطية زائير سابقا،  تقطنها  منذ آلاف السنين جماعات عرقية من ابرزها المابوتشي ، ولهذه الجماعة الفضل في  الاستقرار الامني بملاحقة السراق وقطاع الطرق حين توصل احد زعمائها الى طريقة   مبتكرة استمدها من  الطقوس،  وما  ترسخ في الذاكرة الجمعية من تقليد بوضع نصب كبير لشاخص  يمثل الشيطان في مكان مرتفع وتدور حوله حلقات الراقصين من كلا الجنسين على ايقاع الطبول للتعبير  عن اللعنة والنقمة .
الزعيم القبلي خاض مغامرة الدفاع عن الشيطان،  ونجح في ترسيخ حقيقة  باذهان ابناء قومه بان الاعمال الشريرة يقف وراءها البشر ، وليس  قوة  اخرى تفرضها  تصورات واوهام على ارض الواقع ،  ابتكار الزعيم تجسد بنصب شاخص لكل شخص متورط بارتكاب جريمة اعتداء او سرقة  او اغتصاب ،  فيكون شاخص المطلوب الهارب  بديلا للشيطان،  لتنهال عليه الحجارة وحتى فضلات الحيونات كمظهر للتعبير عن الادانة والاحتجاج مع مطالبات بانزال اقصى العقوبات  لينال  الحكم العادل جراء افعاله الشريرة .
حكيم جماعة  المابوتشي الكونغولي استطاع بجهد شخصي  ان يقنع بقية الجماعات الاخرى بتبني طريقته في ملاحقة الاشرار ، بشيوع استخدامها  انخفضت  حوادث سرقة الماشية واغتصاب النساء والفتيات ، فضلا عن تراجع نسبة احداث ارتكاب جرائم القتل لاتفه الاسباب داخل القبيلة الواحدة ،بمرور السنوات اصبح الشيطان بريئا في الكونغو ، فيما تصاعدت حالة تبني الردع الشعبي ضد من يحاول  تهديد الاهالي المسالمين ونهب ممتلكاتهم .
مجالس الاسناد العشائرية في العراق على الرغم من صدور قرار بحلها  مازالت تعمل  ، شكلت في زمن الحكومة السابقة،  لأغراض بسط الامن في مناطقها ، زودت بالاسلحة،  وتسلم زعماؤها مبالغ طائلة لمواجهة الخارجين على القانون اما المهمة الاخرى فهي تحشيد اتباعهم للادلاء باصواتهم في الانتخابات  لصالح قائمة  يتزعمها ولي نعمتهم ، والمهمة الثالثة رفع  برقيات تجديد العهد والولاء في المناسبات الوطنية والقومية. مع اندلاع نزاعات عشائرية متكررة في محافظتي البصرة وميسان ، عجزت مجالس الاسناد عن   تحقيق ايقاف اطلاق  النار بين العشائر المتنازعة ، وربما وقفت مع جهة ضد اخرى تنفيذا لاوامر قائدها المؤسس .
دولة الكونغو بتضافر وتعاون جماعاتها العرقية استطاعت طرد شياطنها من ارض البلاد نهائيا ، ووحدت جهودها لملاحقة  شياطين آخرين ، بنصب شاخص  لمجرم هارب عن وجه العدالة وسط المدينة ، لتنهال عليه  اللعنة من حلقات الراقصين .
البلدان المضطربة امنيا وسياسيا ومنها العراق،  تستطيع ان تستعين بطريقة جماعة المابوتشي لملاحقة المتورطين بملفات فساد وهدر المال العام ، هيئة النزاهة واللجنة النيابية  بالتخصص ذاته بامكانهما ايضا ارسال وفد الى الكونغو الديمقراطية  لعقد اتفاق بين البلدين يقضي بارسال خبراء من جماعة المابوتشي لتدريب  الكوادر العراقية على ملاحقة الشياطين  سواء كانوا مسؤولين حاليين او سابقين  ينتمون الى قوى  سياسية عاملة في الساحة العراقية.
في كل الاحوال  ملاحقة الشياطين في العراق على طريقة جمهورية الكونغو اوغيرها ، تدخل في اطار تحقيق المصالح الوطنية والشعبية ، الجهات الرسمية والسياسية ليست مستعدة لخوض المغامرة في الوقت الحاضر خشية انتقام الشياطين الكبار ، والدخول في ايراد ومصرف في وقت  تواجه الحكومة ازمة
مالية.