TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الجواهري يحذّرنا : كلّهم محمود الحسن !

الجواهري يحذّرنا : كلّهم محمود الحسن !

نشر في: 28 أكتوبر, 2016: 06:32 م

تطالب الناس بحكومة خدمات فيأتي لهم الساسة بمجلس أعلى يُنظّم لهم ما يرتدون على أمل أن يتبعه مجلس آخر يحدد لهم ما يسمعون ويأكلون، يعلو هتاف الناس بضرورة الاهتمام بالملف الامني ، فيكون الرد بقرارات من عيّنة الحشمة في دوائر الدولة وضرورة فصل الطلاب عن الطالبات وإبعاد الكفاءات لنوازع طائفية مقيتة.
بعد ثلاثة عشر عاما من اللغو والخطابات التي انتهت صلاحيتها نجد أنفسنا وسط مسؤولين يسعون لإغراق حياتنا بكل ما هو مزيف ، وتأخذنا الحكومة في دهاليز الاختيار بين العمل على تطوير مؤسسات الدولة أو إصدار تعليمات للحشمة ومراقبة زيّ الموظفات والطلبة ، والنساء في الشوارع ، تندلع الأسئلة مجددا مع الاشتباك الدائر حالياً حول تراجع مستوى التنمية والتعليم والصناعة والزراعة في العراق، هل نهتم بتحديث المجتمع وتطوير قدرات العاملين في مؤسسات الدولة أم ننتظر ما تقرره لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يهددنا بها النائب محمود الحسن؟!  
أكتب هذه المقدمة وأنا أشعر بالاستغراب ، حين أقرأ  التعليمات التي اصدرها وزير التعليم العالي " التكنوقراط " عبد الرزاق العيسى،  الذي أدار ظهره لأزمة التعليم العالي ، والمستوى البائس الذي وصلت اليه الجامعات العراقية ، ليُصدر فرماناً سلطانياً ، بتحدبد أزياء طالبات الجامعة ، حيث حدّد السيد الوزير ببيان " إصلاحي " نوع الزي: "استنادا الى توجيهات وتوصيات  وزير التعليم العالي ،  بخصوص الالتزام بالزي الجامعي الموحد والحشمة في الكليات تقرر ان يكون  الزي الجامعي بالنسبة للطالبات،  تنورة تحت الركبة غير ضيّقة، وبالالوان الرصاصي والنيلي أو الأسود، أما السترة أو البلوزة بنفس الألوان المذكورة،  في حين تكون الجبّة الإسلامية والحجاب باللون النيلي أو الرصاصي أو الأسود، ولم ينس الوزير ان يشمل بإصلاحاته التعليمية  الحذاء فيقرّر ما يأتي: "حذاء الكعب العالي لا يتجاوز الـ 5 سم، ويمنع ارتداء البنطلون منعاً باتاً".
مضحك ومثير للسخرية أن يتصور المسؤول  أنه ينتمي الى جماعة  تتلقى أوامرها من السماء، وليس موظفاً يقدم خدمة عامة يتقاضى عنها اجراً  ومثير للأسى أن تستخدم هذه القرارات  " المضحكة " للتغطية على نهب أموال الدولة وانتشار المحسوبية والرشوة.
لا أدري لماذا لايخرج علينا السيد الوزير " التكنوقراط " ، ويخبرنا عن الحالة الاكاديمية في العراق ، هل يخجل ان يقول إنها مؤسفة ومزرية، أم سيقول إنها  مؤامرة تقودها الإمبريالية لمحاربة الإسلام  ، نعم ياسيدي مؤامرة ،لأننا بدلاً من أن نحارب الجهل  ونرتقي بمستوى التعليم ، انشغلنا بقياس ارتفاع الكعب العالي ولونه !
وقديما قال عمّنا الجواهري رداً على حملة طلفاح الإيمانية
نبّئتُ أنكَ توسّعُ الأزياء عتّاً واعتسافا
وتقيس بالافتار أردية بحجة أن تنافى
ماذا تنافي، بل وماذا ثمَّ من أمرٍ يُنافى
أترى العفافَ مقاسَ أرديةٍ، ظلمتَ أذاً عفافا
هو في الضمائرِ لا تخاطُ ولا تقصُّ ولا تكافى
من لم يخفْ عقبى الضميرِ ، فمنْ سواهُ لن يخافا؟!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. المحامي احمد الحسن

    المخاطب في قصيدة الجواهري، صالح مهدي عماش وليس طلفاح.

  2. ام رشا

    بعد وين ووين على كولة العراقيين وانتو لسه شفتو حاجه على كولة اخوانه المصريين فكل ما يطبق في ايران سيطبق في العراق السنا من ضمن ولاية الفقيه لو انا غلطانه ...وشكرا أستاذ علي

  3. ابراهيم

    قصة التكنوقراط ملهاة اخرى لهذا الشعب المغيب عن الوعي، فهذا الوزير هو عضو فاعل في التحالف الشيعي، وحضر مؤخرا اجتماع هذا التحالف بشكل علني. من بين عشرة آلاف جامعة في العالم تحتل فقط جامعة الكوفة المرتبة ٦٧٠ وعشرات من خريجي كليات جامعة بغداد لا يعرفون الإملا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram