تطالب الناس بحكومة خدمات فيأتي لهم الساسة بمجلس أعلى يُنظّم لهم ما يرتدون على أمل أن يتبعه مجلس آخر يحدد لهم ما يسمعون ويأكلون، يعلو هتاف الناس بضرورة الاهتمام بالملف الامني ، فيكون الرد بقرارات من عيّنة الحشمة في دوائر الدولة وضرورة فصل الطلاب عن الطالبات وإبعاد الكفاءات لنوازع طائفية مقيتة.
بعد ثلاثة عشر عاما من اللغو والخطابات التي انتهت صلاحيتها نجد أنفسنا وسط مسؤولين يسعون لإغراق حياتنا بكل ما هو مزيف ، وتأخذنا الحكومة في دهاليز الاختيار بين العمل على تطوير مؤسسات الدولة أو إصدار تعليمات للحشمة ومراقبة زيّ الموظفات والطلبة ، والنساء في الشوارع ، تندلع الأسئلة مجددا مع الاشتباك الدائر حالياً حول تراجع مستوى التنمية والتعليم والصناعة والزراعة في العراق، هل نهتم بتحديث المجتمع وتطوير قدرات العاملين في مؤسسات الدولة أم ننتظر ما تقرره لجان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر التي يهددنا بها النائب محمود الحسن؟!
أكتب هذه المقدمة وأنا أشعر بالاستغراب ، حين أقرأ التعليمات التي اصدرها وزير التعليم العالي " التكنوقراط " عبد الرزاق العيسى، الذي أدار ظهره لأزمة التعليم العالي ، والمستوى البائس الذي وصلت اليه الجامعات العراقية ، ليُصدر فرماناً سلطانياً ، بتحدبد أزياء طالبات الجامعة ، حيث حدّد السيد الوزير ببيان " إصلاحي " نوع الزي: "استنادا الى توجيهات وتوصيات وزير التعليم العالي ، بخصوص الالتزام بالزي الجامعي الموحد والحشمة في الكليات تقرر ان يكون الزي الجامعي بالنسبة للطالبات، تنورة تحت الركبة غير ضيّقة، وبالالوان الرصاصي والنيلي أو الأسود، أما السترة أو البلوزة بنفس الألوان المذكورة، في حين تكون الجبّة الإسلامية والحجاب باللون النيلي أو الرصاصي أو الأسود، ولم ينس الوزير ان يشمل بإصلاحاته التعليمية الحذاء فيقرّر ما يأتي: "حذاء الكعب العالي لا يتجاوز الـ 5 سم، ويمنع ارتداء البنطلون منعاً باتاً".
مضحك ومثير للسخرية أن يتصور المسؤول أنه ينتمي الى جماعة تتلقى أوامرها من السماء، وليس موظفاً يقدم خدمة عامة يتقاضى عنها اجراً ومثير للأسى أن تستخدم هذه القرارات " المضحكة " للتغطية على نهب أموال الدولة وانتشار المحسوبية والرشوة.
لا أدري لماذا لايخرج علينا السيد الوزير " التكنوقراط " ، ويخبرنا عن الحالة الاكاديمية في العراق ، هل يخجل ان يقول إنها مؤسفة ومزرية، أم سيقول إنها مؤامرة تقودها الإمبريالية لمحاربة الإسلام ، نعم ياسيدي مؤامرة ،لأننا بدلاً من أن نحارب الجهل ونرتقي بمستوى التعليم ، انشغلنا بقياس ارتفاع الكعب العالي ولونه !
وقديما قال عمّنا الجواهري رداً على حملة طلفاح الإيمانية
نبّئتُ أنكَ توسّعُ الأزياء عتّاً واعتسافا
وتقيس بالافتار أردية بحجة أن تنافى
ماذا تنافي، بل وماذا ثمَّ من أمرٍ يُنافى
أترى العفافَ مقاسَ أرديةٍ، ظلمتَ أذاً عفافا
هو في الضمائرِ لا تخاطُ ولا تقصُّ ولا تكافى
من لم يخفْ عقبى الضميرِ ، فمنْ سواهُ لن يخافا؟!
الجواهري يحذّرنا : كلّهم محمود الحسن !
[post-views]
نشر في: 28 أكتوبر, 2016: 06:32 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
بغداد ترحب بـ"هدنة لبنان" والفصائل ترفض وقف التصعيد وتهدد واشنطن
تقرير امريكي يتحدث عن "السيناريو الأسوأ": جر العراق إلى "عين العاصفة الإقليمية"
المالية النيابية: تعديل الموازنة الاتحادية يفتح المجال لتغيير فقرات غير فعّالة
فرنسا تشهد أول محاكمة لدواعش من رعاياها اعتدوا على إيزيديين
مجلس الخدمة الاتحادي: نحتاج لأكثر من 5 مليارات دولار شهرياً لتمويل رواتب الموظفين
الأكثر قراءة
الرأي
الخزاعي والشَّاهروديَّ.. رئاسة العِراق تأتمر بحكم قاضي قضاة إيران!
رشيد الخيون وقعت واقعةٌ، تهز الضَّمائر وتثير السّرائر، غير مسبوقةٍ في السّياسة، قديمها وحديثها، مهما كانت القرابة والمواءمة بين الأنظمة، يتجنب ممارستها أوالفخر بها الرَّاهنون بلدانها لأنظمة أجنبية علانية، لكنَّ أغرب الغرائب ما يحدث...
جميع التعليقات 3
المحامي احمد الحسن
المخاطب في قصيدة الجواهري، صالح مهدي عماش وليس طلفاح.
ام رشا
بعد وين ووين على كولة العراقيين وانتو لسه شفتو حاجه على كولة اخوانه المصريين فكل ما يطبق في ايران سيطبق في العراق السنا من ضمن ولاية الفقيه لو انا غلطانه ...وشكرا أستاذ علي
ابراهيم
قصة التكنوقراط ملهاة اخرى لهذا الشعب المغيب عن الوعي، فهذا الوزير هو عضو فاعل في التحالف الشيعي، وحضر مؤخرا اجتماع هذا التحالف بشكل علني. من بين عشرة آلاف جامعة في العالم تحتل فقط جامعة الكوفة المرتبة ٦٧٠ وعشرات من خريجي كليات جامعة بغداد لا يعرفون الإملا