TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مثال إيراني برسم حكّام بغداد

مثال إيراني برسم حكّام بغداد

نشر في: 29 أكتوبر, 2016: 05:09 م

adnan.h@almadapaper.net

بالضدّ من قرار السلطة في طهران، جرى في إيران أول من أمس أكبر تجمع شعبي تشهده البلاد منذ التظاهرات المليونية التي احتجّت على إعادة "انتخاب" الرئيس محمود أحمدي نجاد لولاية ثانية في العام  2009على حساب منافسه المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي.
مناسبة هذا التجمع غير المرخّص إحياء ذكرى الملك الفارسي الإخميني كورش الأكبر الملقب بـ " ذو القرنين" الذي حكم بلاد فارس في الربع الثالث من القرن السادس قبل الميلاد، وامتد سلطانه إلى ممالك ميديا وليديا وبابل.
التجمع الاحتفالي جرى في موقع أثري في باسارغاد القريبة من مدينة شيراز الجنوبية، وشارك فيه الآلاف من الإيرانيين من ذوي النزعة القومية الفارسية الذين يفخرون بتاريخ كورش ومنجزاته. والاحتفال هو باليوم الذي غزا فيه كورش بابل فأسقط مملكتها وأعلن المساواة بين جميع البشر وحرّر العبيد ومكّن اليهود من العودة الى ديارهم في فلسطين القديمة كما تقول كتب التاريخ. وإلى هذا الملك تُنسب "إسطوانة كورش" التي عُثِر عليها في خرائب بابل، وتضمّنت ما توصف بأنها أول وثيقة لحقوق الإنسان في العالم.
المهم في هذا الأمر أن آلاف الإيرانيين قد تحدّوا قرار السلطات الحكومية وأحيوا المناسبة برغم الحظر القائم ومساعي الشرطة لغلق الطرق وتحويل مسارات المرور عن الموقع الأثري القديم.
في هذا رسالة إلى حكّامنا الإسلاميين، الذين ينظر الشيعة ،منهم على وجه الخصوص ،إلى النظام في إيران بوصفه قدوة ومثلاً. النظام الإيراني بكل جبروته لم يستطع منع هذه الأعداد الغفيرة من مواطنيه من الاحتفال بمناسبة محظور إحياؤها منذ قيام نظام الجمهورية الإسلامية قبل أكثر من ربع قرن. ولم تكن هذه هي المرة الأولى لتنظيم هذا الاحتفال، فمنذ بضع سنوات يجري هذا الاحتفال، لكنه هذه المرة كان كبيراً على نحو لافت، بل إنّ المحتفلين ردّدوا في الاحتفال الأخير شعارات سياسية طالبت باحترام حقوق الإنسان في إيران.
حكّامنا الإسلاميون لا يأخذون العبرة من تجارب الحاضر أو من خبرة التاريخ وميراثه .. إنهم يريدون فرض قوانين  رغماً عن إرادة الناس، وهي قوانين لن تجد طريقها الى التطبيق عمليّاً، مثلما لم تجد قوانين وإجراءات طريقها الى التطبيق في إيران نفسها بعد 27 سنة من تشريعها، وبينها ما يتعلق بمنع تناول الخمور والمخدرات والاتّجار بها. ففي إيران تزدهر الآن التجارة السريّة لهذه الممنوعات بأضعاف ما كانت عليه علنية في عهد الشاه.
من حيث يدرون أو لا يدرون، فإن أعضاء مجلس النواب الذين سلكوا طريق المخادعة والمخاتلة واللصوصية ليدسّوا في اللحظة الأخيرة فقرة في قانون واردات البلديات تحظر الخمور، إنما يدفعون الناس في هذه البلاد لإيجاد سوق سوداء للخمور، وهي سوق قائمة بالفعل في المحافظات الوسطى والجنوبية المحظور، على نحو غير قانوني، بيع وشراء وتصنيع الخمور. بل إنهم يدفعون بالناس للاتّجاه نحو المخدّرات التي تأتينا في الغالب من إيران.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram