حسين عبد الرازقغاب الرئيس حسني مبارك عن القمة السنوية للاتحاد الإفريقي (53 دولة) التي بدأت في العاصمة الأثيوبية (أديس أبابا)، وهي قمة مهمة لمصر بكل المقاييس، فالاتحاد يضم دول حوض نهر النيل، ودول الشمال الإفريقي العربية، وكل دول القارة التي تحتل مصر بوابتها الشمالية الشرقية.
يكفي قراءة سريعة لجدول أعمال القمة الرابعة عشرة والمشاكل والقضايا المطروحة عليها لندرك أهمية هذه الدورة.. البند الأول في جدول الأعمال يتناول كيفية تحويل الشعار الذي أقرته القمة الاستثنائية التي عقدت في ليبيا العام الماضي وهو (2010 عام السلام والأمن في إفريقيا) إلي واقع في ظل الحروب والنزاعات المسلحة التي تنتشر في القارة، بدءا بخلافات الجنوب والشمال في السودان والنزاع المسلح في دارفور، والخلافات السياسية في مدغشقر، وصولا إلي مشكلة الصحراء الغربية، (والتي مازالت السبب في غياب دولة إفريقية رئيسية هي المغرب عن كل أشكال العمل الجماعي الإفريقي منذ ثلاثين عاما تقريبا). وتناقش القمة أيضا، القرصنة في القرن الإفريقي، مكافحة الفساد، إيجاد حلول لوضع 17 مليون لاجئ إفريقي، قضية إنشاء عملة إفريقية موحدة، دعم حرية واستقلال الصحافة، التمكن من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.. (فالثورة المعلوماتية والإعلامية تغير وجه العالم، وإذ لم تلحق القارة الإفريقية بالركب العالمي فستبقى متأخرة إلي الأبد). ولا يقلل من أهمية الاتحاد الإفريقي وقممه السنوية المشاكل التي يعانيها الاتحاد، والتي لخصها (أحمد كامل) في ال (بي. بي. سي) العربية في عدم تنفيذ ما يتفق عليه قادتها، 264 قرارا اتخذها رؤساء الدول منذ نشوء منظمة الوحدة الإفريقية (الاتحاد الإفريقي الآن) قبل ما يقرب من نصف قرن لم تنفذ كليا أو جزئيا، و14 من بين 35 معاهدة مبرمة بين الدول الأعضاء لم تدخل حيز التنفيذ من بينها المعاهدات التي تتعلق بأكبر المشاريع طموحا كإنشاء محكمة عدل ومجلس للأمن وبرلمان ومجموعة اقتصادية إفريقية، ولم يصادق على البروتوكول الإفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد الذي وافقت عليه 29 دولة، سوي ثلاث دول هي أثيوبيا وموريتانيا وسيراليون.. وبسبب الأزمة الاقتصادية العالمية لم تتم المصادقة على مشروع طموح لرصد 3.1 مليار دولار لتمويل برامج المفوضية الإفريقية لتحسين البنى التحتية في الدول الإفريقية، عبر فرض رسوم محلية علي أنشطة وصكوك معينة كوثائق التأمين، كما تواجه فكرة إنشاء مصرف إفريقي للاستثمار رأسماله 300 مليون دولار صعوبات جمة، أهمها اقتصار التمويل علي ذات الدول التي تساهم بثلاثة أرباع الموازنة الإفريقية وهي الجزائر وليبيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا ومصر. وغياب الرئيس مبارك عن القمة الحالية ليس استثناء كما قد يتصور البعض، بل لعله الأصل، فقد غاب الرئيس عن القمم الإفريقية عشر سنوات متصلة بعد جريمة محاولة اغتياله في أديس أبابا عام 1995، وبعد أن شارك في القمم الإفريقية من عام 2005 وحتي عام 2008 في (شرم الشيخ) عاد للغياب عن القمة اعتبارا من عام 2009 (!). اللافت للنظر أيضا هو غياب الرئيس مبارك عن القمتين العربيتين الأخيرتين في دمشق (2008) والدوحة (2009)، فقد غاب مبارك ووزير خارجيته أحمد أبوالغيط عن قمة دمشق ومثل مصر فيها د. مفيد شهاب، رغم أهمية القضايا المطروحة عليها، مثل قضية العلاقات العربية - العربية بما في ذلك الخلافات بين الدول العربية وآليات تفعيل العمل العربي المشترك وضوابط منع تدهور العلاقات العربية - العربية، والأزمة اللبنانية، والوضع الفلسطيني والعراقي.. إلخ، وتكرر الغياب في قمة الدوحة (!). وغياب الرئاسة المصرية عن القمم الإفريقية والعربية يعني تراجع الدور المصري العربي والإقليمي والدولي، فالرئيس في مصر - مثل أغلب الدول العربية والإفريقية - هو صاحب القرار السياسي والتنفيذي والتشريعي الوحيد في البلاد، والحكومة في مصر ورئيسها لا علاقة لهما بالسياسة الخارجية وقضايا الأمن القومي، فهي حكر للرئيس والمؤسسات التابعة لرئاسة الجمهورية، واستمرار هذا الغياب يعني استمرار تراجع دور مصر الإقليمي والدولي بكل آثاره السلبية على المصالح المصرية، وهو أمر يجب أن ترفضه الأحزاب والقوى السياسية الوطنية في مصر وتتصدى له بكل قوة.
غيـــاب الـرئـيـس.. وتـراجــع الــــدور المصــري
نشر في: 6 فبراير, 2010: 05:12 م