تعد المراهقة مرحلة الصراعات والازدواجية المتناقضة، والفترة المفصلية التي يمر بها الشخص وعلى أثرها يتحدد مسار حياته المستقبلي سلباً أو إيجاباً. وفي هذه المرحلة يعاني عدد كبير من الآباء والأمهات من صعوبة في التعامل مع أبنائهم المراهقين سواء كانوا فتيان

تعد المراهقة مرحلة الصراعات والازدواجية المتناقضة، والفترة المفصلية التي يمر بها الشخص وعلى أثرها يتحدد مسار حياته المستقبلي سلباً أو إيجاباً. وفي هذه المرحلة يعاني عدد كبير من الآباء والأمهات من صعوبة في التعامل مع أبنائهم المراهقين سواء كانوا فتياناً أو فتيات. وتتفاقم المشاكل والنقاشات الحادة والخلافات. وقد ينحو المراهق جراء ذلك نحو التمرد أو الانحراف وما يرافقه من إدمان على الكحول والمخدرات وحتى السرقة .
( س )  ابن الخامسة عشرة عاماً وجد نفسه بعد سنين طوال وحيداً فجأة بعد أن قرر والداه الانفصال. لم يستطع التعبير عن رفضه للأمر، أو بالأحرى لم ينتظر أحد أن يسمع رأيه بهذا الصدد، إذ تقاذفه الوالدان داخل المحاكم. فحصلت والدته على حق حضانته، فيما يسعى الأب للزواج مرة ثانية والخلاص من والدته .           ( س ) أصبح متمرداً على أهله والمجتمع . حلق شعره على اخر موديل ، وصار يمضي ساعات طوالا في الشارع بعد عودته من المدرسة، ، يجلس مع "شباب  المنطقة" لساعات مدخناً النرجيلة وشارباً المخدرات والكحول . ووالداه لا يبدوان غافلين عن الموضوع إلا أنَّ كلاً منهما يتقاذف المسؤولية.

• لماذا الكحول والمخدرات؟
تبرز مشاكل عدة في سلوك المراهق الانحرافي مثل الإدمان على الكحول والمخدرات. ويعود ذلك إلى بحثه عن وسيلة لإرضاء ذاته والانتقام من الآخرين خصوصاً الأهل كما يقول الدكتور مازن بشير الاستاذ في علم الاجتماع . ونتيجة عدم  وعي الأهل وانتباههم لحال ابنهم النفسية قد يكون عاملاً مؤججاً لهذا الإدمان الذي تصبح عواقبه خطرة بمرور الوقت. كما أنَّ  منع المشروبات الكحولية القرار التي اتخذ  قبل ايام يجعل حصول المراهقين على المخدرات  أمراً بمتناول أيديهم من دون رقيب. وغياب التشدد داخل الملاهي الليلية في تناول الأقراص المخدرة سوف يؤدي دورا كبيرا في ترسيخ الإدمان على المخدرات .
فالمخدرات يتناولها المراهق لرخص ثمنها  وبحثاً عن اللذة والنشوة وإشباع الفضول حيث يجد المراهق نفسه مدمناً على تعاطي المخدرات . يبدأ بالحشرية ليصل إلى حدود الإدمان المرضي الذي يصبح من الصعب الشفاء منه. ويعد الأهل أنَّ الأصدقاء هم العامل المؤثر والأكثر خبرة وجذباً في تشكيل شخصية المراهق، غير مدركين في أغلب الأوقات أنَّ هذا المراهق يحاول لفت انتباههم إليه بشتى الطرق".

• الجـُـرأة والتجريب
وتعبر الدكتورة ابتسام السعدون الباحثة النفسية  أنَّ "المراهقة مرحلة انتقالية يكون الشخص فيها أكثر عرضة لعودة مشاكل الصغر للتحرك والبروز بطريقة أوضح. فالمراهق الذي كان طفلاً من الممكن أنَّه واجه حوادث صادمة أحدثت خللاً نفسياً لديه حتى لو كان في كنف أهله، وبقيت كامنة فيه لغاية وصوله لسن المراهقة. ولا يمكننا أن نشمل كل المراهقين، إذ إنَّ هناك كثيرين يمرون بفترة مراهقة عادية وصحيَّة، غير أننا نتكلم هنا عن من يكونون عرضة للانحراف أكثر من غيرهم" وتتابع : " في سن المراهقة يحاول المراهق البحث عن الاستقلالية عبر سلوكات فيها جرأة ومنافسة، فيغامر ويخاطر بسلامته ويجرب اولا التدخين وتناول المشروبات الكحولية وعندما تمنع تناول هذه المشروبات سوف يتوجه الى تجربة تناول المخدرات المتوفرة والرخيصة على الأرصفة  وهنا لا بدَّ من الرجوع عن تنفيذ هذا القانون لأنه باستطاعة أي مراهق الحصول على هذا المخدر من دون معرفة أهله بذلك ... بالتالي، لا يرتبط الموضوع هنا بسبب واحد، بل بباقة من الأسباب أو ما يُسمى بعوامل الخطر (riskfactors) التي تؤثِّر في جهوزية المراهق الذاتية لتحمل الصعاب. وللأهل الدور الأساس، إذ يجب أن يكونوا متزنين في تصرفاتهم تجاه أبنائهم كي يبعدوهم من الانحراف أو من أية اضطرابات سلوكية عبر تهيئتهم على تخطي مرحلة المراهقة من دون أي تأثير سلبي".