قدم الملتقى الفلسفي في مدينة كربلاء محاضرة عن الحزن (فينومينولوجيا) من وجهتها الفلسفية طارحا العديد من الاسئلة والاشكاليات والحلول في هذا الجانب الخفي من الانسان وتأثير الفعل الفلسفي ولان الحزن من المفهوم الظاهراتي يحتاج الى اثبات وجود وهو ما فعله ال
قدم الملتقى الفلسفي في مدينة كربلاء محاضرة عن الحزن (فينومينولوجيا) من وجهتها الفلسفية طارحا العديد من الاسئلة والاشكاليات والحلول في هذا الجانب الخفي من الانسان وتأثير الفعل الفلسفي ولان الحزن من المفهوم الظاهراتي يحتاج الى اثبات وجود وهو ما فعله المحاضر الدكتور علي طارق الذي قدمه رئيس الملتقى الدكتور سليم جوهر من انه الطبيب اﻻختصاص وعضو الجمعية الأمريكية للفلسفة وزميل المعهد الدولي للهرمنيوطيقيا في فرايبورغ. وأضاف ان المحاضر سيحاول الكشف عن ماهية الوعي غير المكتفي بذاته والفقير بشكل تكويني مولدا الحزن، فالحزن هنا يتم تداوله بشكل يتجاوز المفهوم المعتاد والشائع موضحا ان الحزن هو مواجهة الإنسان لقدرته على الاختيار وحريته في ذلك وهذه الحرية التي تكشف عن عجز الإنسان أمام غائية متعالية في البحث عن الخلود واخراجه من الجنة بالمفهوم الديني موضحا ان الحزن أيضا هو رفض الاستئثار المطلق الاحادي الجانب للحقيقة طارحا مفاهيم عديدة قال ان المحاضر سيحاول كشف حقيقة الحزن اﻻنطولوجية.
ثم تحدث المحاضر الدكتور طارق فقال أن الإنسان في حياته اليومية ينتقل من حالة الحزن الى الفرح وفي بعض الاحيان الى اللامبالاة وان كلمة الحزن هنا تشير الى بعد انطولوجي يتجاوز ردة الفعل التي تحدث لنا عند غياب او فقدان شخص او شيء ارتبطنا به عاطفيا ونفسيا .
الحزن الانطولوجي يتجاوز هذا المعنى اليومي, لذلك من اهم مخرجات المقالة هو ان الحزن والانسان وجهان لعملة واحدة ويوضح ان الانسان يسترد انسانيته وعقلانيته من خلال تجربة الحزن وهذا ما أشار اليه الشاعر الظاهراتي المتنبي ( ذو العَقلِ يَشقَى في النّعيمِ بعَقْلِهِ / وَأخو الجَهالَةِ في الشّقاوَةِ يَنعَمُ) ويبين المحاضر ماذا يقصد بكلمة انطولوجي على انها تترجم حرفيا كعلم للوجود في قبال علم الماهيات والمعرفة (الابستميولوجية ). لذلك الانطولوجية تشير الى لسان الحال في حين ان الابستميولوجية تعبر عن لسان المقال ويعطي مثالا فيقول ممكن ان اكون الان أعيش حالة فرح عميق واكتب عن الحزن,فانا انطولوجيا أعيش الفرح ولكن ابستميلوجيا اكتب عن الحزن عادا هذا الامر مرفوضا في المنهج الفنومنولوجي ويعتبر أساس الازمة التي عانت منها البشرية, وهي حالة النفاق والتي وصفها القرآن بانها حالة مقيتة ويؤكد ان الانطولوجية والابستميولوجيا وجهان لعملة واحدة احدهما تنظر في القلب الذي يعيش التجربة (انطولوجية ) والوجه الاخر يحاول جاهدا ترجمة ما يراه في التجربة المعاشة رمزيا , من خلال اللغة, الفن, التمثيل, الرقص .يسمى هذا الوجه ابستميولوجية بلغة هوسرل وهرمنيوطيقا بلغة هايدغر وغادمر وأن الشعراء والادباء اقرب الناس الى الفنومنولوجية لصعوبة الكذب لديهم , فالشاعر الحقيقي لا يكتب مالم يعش أولا وكذلك الاديب , فما يخرج منه من كلمات هي علامات على وجود تجربة معاشة .ثم يعرج المحاضر على ولادة هذا المنهج بقوله انه ولد ولادة كاملة على يد العالم الرياضي ادموند هوسرل في سنة ١٩٠٠ من خلال كتابه (ابحاث منطقية)، لتبدأ حركة فلسفية،بحثية اعادت ارشفة العالم والعلوم من خلال رفعها لشعار العودة الى الاشياء ذاتها وتعليق كل ماهو ليس منها من خطابات لغوية، واحكام مسبقة ونظريات قد تحولت الى اطر ذهنية ونماذج ذهنية ويؤكد ان الفنومنولوجية لا تعطينا نظريات ومذاهب لان النظرية التي لا يمكن إعادة انتاجها فهي غير فنومنولوجية ولانها مؤسسة في حقل ذاتي شخصي وليس في حقل بين ذاتي موضوعي متعالٍ ، لذلك اهتم هوسرل كثيرا بكيف تحدث عملية الوعي والادراك ومما تتكون هذه العملية, وكيف تتم عملية انتاج المفاهيم ، كيف نرى الاشياء كماهي ، ومالذي يحعلنا لا نراها كماهي ويذهب المحاضر الى القول ان الفنومنولوجية هي فن الاحترام والاصغاء، كما يقول جاك دريدا، وهي الشرط الذي يجعل الحوار يحدث كما بينه غادمر وبوبر، وهي الشرط الذي يجعل العقل التواصلي يعمل واضعا العقل الاداتي بين قوسين ، متجها نحو عالم الحياة الذي اصبح الاساس الاولي لكل علم وخطاب ثم يضيف ان الفنومنولوجية أخرجت الفلسفة من عزلتها المرضية الى دائرة البحث العلمي ، فهي الاساس الذي جعل العلم ينفتح على الجانب المعنوي الذاتي لتصبح هذه المنطقة المحرمة ارضا طاهرة لن بشرطها وشروطها.