TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الجنرال "خيال فصم "

الجنرال "خيال فصم "

نشر في: 31 أكتوبر, 2016: 09:01 م

قلق المجتمع الدولي من اتساع نشاط تنظيم داعش بعد سيطرته على مدينة الموصل وتهديده أمن المنطقة  دفع الولايات المتحدة الى تشكيل تحالف دولي لمساعدة الحكومة العراقية على استعادة مدنها الخاضعة لسيطرة التنظيم الارهابي ، دول  عربية مجاورة للعراق أبدت استعدادها لدعم بغداد في معركتها  ضد داعش ، لكن  بعد  انطلاق  العمليات العسكرية، تحركت الماكنة الاعلامية العربية لتبث على مدار الساعة اوهاما وتصورات معززة بمواد ارشيفية سابقة  لتوجيه الرأي العام ، بان  العراق يشهد حرب ابادة ضد احد مكوناته الاجتماعية ، موجها دعواته الى" اهل الرحم " لانقاذ الابرياء من التعرض لجرائم انتهاك حقوق الانسان .
 الماكنة الاعلامية العربية الخاضعة لسلطة الانظمة الحاكمة ، تتمتع بتاريخ مشرف في تضليل الحقائق ، لطالما ذرفت الدموع على نكبة الخامس من حزيران عام 1967 ، وعلى ايقاع امجاد ياعرب امجاد ، والله اكبر فوق كيد المعتدي ،  شجعت الاوساط الشعبية على جلد الذات بكل الوسائل والسبل ، أما توجيه اصابع الاتهام الى زعماء الانظمة ، فلم يكن من  مهمات الماكنة الاعلامية المشغولة بتحقيق النصر في معارك المصير فتركت القرار  لجامعة الدول العربية لعلها بتوصياتها تزيل آثار العدوان،  وتحول النكسة النكبة الى نصرعربي تتناقله الاجيال المقبلة.
 ماكنة الإعلام العربي الموجّه ،  تتمتع بقوة   حصانية كبيرة في  إشعال  المزيد من الحرائق في المنطقة ، خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية ،دافعت بالصوت والصورة عن بوابة العرب الشرقية ،  وحين ارتكب النظام السابق حماقة غزو الكويت ، فقد "فارس الامة" جوقته من اعلاميين وكتاب وادباء ، باستثناء شاعر واحد من موريتانيا الشقيقة ، حضر الى مهرجان المربد في منتصف عقد التسعينيات ، واهدى قصيدته الى "مغاتلي الخفاجية" لاعتقاده بان الحرب العراقية الايرانية  مستمرة وهي بأمس الحاجة الى "فحول الشعراء" ليتغنوا بانتصاراتها.اصيب الشاعر الموريتاني بنكبة كبيرة حين اخبره زملاؤه العراقيون بان الحرب مع ايران انتهت منذ سنوات ، والعلاقة بين البلدين تكاد تكون ودية ، وبغداد بعد حرب الخليج الثانية تعد العدة للانتقام  من زعماء عرب تحالفوا مع الاعداء ضد الاشقاء ، الشاعر الموريتاني استوعب الدرس ورفض نظم قصيدة  يهجو فيها اصحاب الجلالة والسمو ، لانه كان ينتظر دعوة للمشاركة في مهرجان شعري تنظمة دولة خليجية.
تعاطي الإعلام العربي  مع الاحداث السياسية والامنية في العراق،  يعبر دائما عن مواقف رسمية تنظر الى الشعب العراقي بانه منقسم على نفسه ، ولابد من الوقوف الى جانب طرف ضد آخر لتحقيق التوازن الاجتماعي على طريقة "سويلم " الرجل كان من كبار ملاكي الاراضي في العهد المالكي ، نجله من امرأته الصغيرة لايجيد لعبة "خيال الفصم " فشكا  لوالدته معاناته لغرض ان تنقلها  لابيه  المحفوظ .
في امسية شتائية جمع سويلم فلاليحه في مضيفه واخبرهم بقراره الثوري (من يلعب ابني  مع زعاطيطكم اوصوهم بانه  ابن شيخكم )، جاء الرد سريعا من احد الحاضرين ،محفوظ لعب زعاطيط ، في اليوم الثاني حقق ابن سويلم المدالية الذهبية بلعبة خيال الفصم .
دول عربية ومعها تركيا ابدت استعدادها لمحاربة تنظيم داعش والقضاء على المجاميع الارهابية لضمان استقرار امن المنطقة  بصولة يقودها جنرال "خيال فصم".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram