يقترب الأطباء والكادر الصحي في إقليم كردستان من نيران المعارك من اجل إنقاذ البيشمركة، وقد انخرطوا في الحرب ضد داعش بشكل منحهم صفة البيشمركة إلا أن سلاحهم هو العلاج.كان هيمن جوهر (20 سنة) الذي انضم إلى صفوف البيشمركة منذ ثلاثة أعوام ينزف من ساقه وأسفل
يقترب الأطباء والكادر الصحي في إقليم كردستان من نيران المعارك من اجل إنقاذ البيشمركة، وقد انخرطوا في الحرب ضد داعش بشكل منحهم صفة البيشمركة إلا أن سلاحهم هو العلاج.
كان هيمن جوهر (20 سنة) الذي انضم إلى صفوف البيشمركة منذ ثلاثة أعوام ينزف من ساقه وأسفل ذقنه حين نقل الى مستشفى الطوارئ في السليمانية الأسبوع الماضي وكان الممرضون والأطباء ينظفون الدم من داخل فمه على الدوام وبعد تلقي العلاج الأولي نقل مباشرة إلى قسم العمليات.
وبعد يومين من إجراء العملية التقى مراسل "نقاش" هيمن في مستشفى شار وهو مقطب الذقن ووضعه الصحي مستقر، قال بصوت متقطع لم يكن يستطيع تحريك فمه تماما اثناء الحديث "كنا نتخذ الاستعدادات لمواجهة داعش جنوب كركوك وقد قصفتنا طائرة مجهولة، سقط بيننا شهيدان وعدد من الجرحى وقد تم نقلي بسيارات خاصة الى مستشفى كركوك ثم الى السليمانية".
هيمن هو أحد المئات من البيشمركة الذين جرحوا خلال العامين وستة اشهر الماضية من الحرب ضد داعش، وتشير إحصاءات وزارة البيشمركة الى ان (43) معركة وهجوماً ومواجهة عنيفة دارت خلال تلك الفترة بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش.
وقد أوكل علاج جرحى المعارك ضد داعش إلى المستشفيات التابعة لوزارة البيشمركة والمستشفيات الحكومية الأخرى بالإضافة الى إرسال عدد منهم إلى خارج إقليم كردستان.
الاحصائيات التي حصل عليها مراسل "نقاش" تختلف بحسب الجهة التي تعلنها، فالجهات الرسمية غالبا ما تعلن ارقاما اقل مما يرويه شهود العيان او المنظمات غير الحكومية.
ويقول الدكتور شمال جبار ياور مسؤول مؤسسة صحة البيشمركة في كردستان لـ"نقاش": ان الاحصائيات تشير الى "جرح (9415) عنصرا من البيشمركة واستشهاد (1513) منذ شهر حزيران (يونيو) عام 2014 قبل الهجوم الاخير على الموصل". وأضاف "نحن كمؤسسة صحة البيشمركة عالجنا خلال فترة الحرب ضد داعش (3000) جريح في الجبهات فيما تمت معالجة الجرحى الآخرين في المستشفيات، وقد اجرينا اكثر من عشرة آلاف عملية جراحية وهناك من الجرحى من أجريت له ثلاث عمليات".
ويشير إحصاء آخر حصلت "نقاش" عليه الى ان اكثر من (200) شخص جرحوا خلال المواجهات الاخيرة بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش في مدينة كركوك ليلة الجمعة الماضية على الرغم من ان وزارة الصحة لا تؤكد الرقم وتقول ان (66) جريحا نقلوا إلى مستشفيات مدينة السليمانية.
وقال الدكتور أميد حمه صالح مدير مستشفى الطوارئ في السليمانية لـ"نقاش": كان "عدد الجرحى الذين نقلوا الجمعة الى المستشفى (49) جريحا فيما استشهد احدهم خلال نقله إلى المستشفى".
وتوزعت محاور صحة البيشمركة على ثلاث مناطق وهي أربيل والسليمانية ودهوك وقد شهد محور السليمانية اكثر المعارك اذ يتألف من (كركوك، خانقين، جلولاء، طوزخورماتو والموصل) ويعالج جرحى المعارك في ثلاثة مستشفيات وهي (مستشفى الطوارئ في السليمانية، ومستشفى شار ومستشفى جمي رزان.
بيستون سرحد (22 سنة) تم استهدافه من قبل قناصة داعش وجرح وهو يحاول إنقاذ احد رفاقه من البيشمركة الجرحى، وبعد نقله الى مستشفى الطوارئ في السليمانية خضع لعملية جراحية. بيستون الذي لم يزل راقدا في المستشفى تحدث عن شجاعة الفرق الصحية في جبهات القتال وقال لـ"نقاش": ان "الفرق الصحية كانت سندا مهما للبيشمركة".
وتم تشكيل الفرق الصحية التي تشرف عليها مديريات الصحة في الاقليم منذ حزيران (يونيو) عام 2014 ومهمتها هي تقديم الاسعافات الاولية للجرحى في جبهات القتال مثل (إيقاف النزيف، فتح مجرى التنفس، وضع الكانولا والمغذي).
ويتكون الجزء الأساسي من هذه الفرق من (الفرق الجاهزة) التي تعمل خلال الهجمات والمعارك التي تدور بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش وتتألف من خمسة أطباء جراحين و(15) سائق إسعاف و(25) شخصا من الكادر الصحي كما ان لديهم مستشفى متنقلا في خيمة يقدم العلاج العاجل للجرحى ويرسلهم الى المستشفيات بالإضافة الى فرق متنقلة للعلاج العاجل تتألف من طبيب ومعاون طبيب وسيارة إسعاف، ويبلغ عددهم إجمالا (50) موظفا و(23) سائقا.
وأشار آوات محمود بابكر المشرف على الفرق الصحية في جبهات القتال في محور السليمانية الى ان مشكلتهم الرئيسية هي افتقارهم لسيارات إسعاف مدرعة وقال: "اذا كان هناك جريح يتعرض لإطلاق النار لا نستطيع الوصول اليه ونقله، يجب على قوات البيشمركة نقل الجرحى الى مكان قريب من فرقنا لتقدم له الإسعافات الاولية، لقد عالج فريقنا خلال العامين الماضيين فقط (2157) جريحا بالإضافة إلى معالجة جرحى من داعش أيضاً".
ومع ان عدد الجرحى من البيشمركة كان كبيرا في بداية الحرب ضد داعش إلا أن عددهم قل الآن بسبب اكتساب الخبرة وكشف الخدع التي يتبعها داعش.
ويشير الدكتور ميران محمد مدير دائرة الصحة في السليمانية التي أرسلت اكثر من الف من كوادرها الى جبهات القتال على وجبات، الى ان اكثر جرحى البيشمركة هم ممن جرحوا في تفجيرات او برصاص القناصة وان اكثر الرصاصات أصابت الفخذ والصدر والرأس وان كانت إصابات الصدر والرأس قد قلت الآن بسبب توفر الدروع الواقية.
وقال الدكتور ميران لـ"نقاش": حول الموضوع "لم يكن بإمكاننا حتى الآن نقل الجرحى بالهيليكوبترات، كما ان افتقارنا الى سيارات اسعاف مدرعة حال دون وصولنا الى عمق الجبهات وشكل ذلك خطرا على حياة كوادرنا وقد استشهد بسبب ذلك اثنان من موظفينا حتى الآن".
وكانت سرعة تحرك الكوادر الصحية سببا في إنقاذ حياة المئات من البيشمركة إلا أن جروح بعض الجرحى بليغة ما يستدعي إرسالهم الى خارج الاقليم لعدم توفر علاجهم في كردستان.
بدوره اشار الدكتور شمال جبار ياور الى انه تم حتى الآن إرسال (926) شخصا الى خارج كردستان لتلقي العلاج وهناك اكثر من خمسين جريحا آخرين لابد من إرسالهم أيضاً.
واوضح ان الجرحى ذوي الجروح البالغة فقط يرسلون الى الخارج ممن يحتاجون الى إجراء عمليات عصبية دقيقة جدا او زرع العيون او تغيير مفاصل اليد وصناعة الارجل والايدي مع الحروق البالغة ومن اصابهم الرصاص في الرأس ويتم إرسال جميع هؤلاء الى تركيا او ألمانيا او الهند او اليونان او قبرص او الأردن.
آري جمال (34 سنة) هو احد الذين ينتظرون دورهم لإرسالهم الى الخارج، وقد اصيب برصاص القناصة في كتفه الايسر وبعد ان أجريت له عملية جراحية لا يستطيع تحريك يده وابلغه الخبراء الصحيون في إيران وكردستان انه بحاجته الى عملية عصبية وتجرى خارج كردستان.
آري قال لـ"نقاش": لقد "اجريت فحوصاتي وكان من المقرر إرسالنا مع عدد من الجرحى الآخرين الى ألمانيا إلا أن الأمر أوقف بسبب أزمة الميزانية في الإقليم ولا نزال ننتظر".
يشير معظم الجرحى الذين التقاهم مراسل "نقاش" الى ان السبب الرئيس وراء إنقاذهم من الموت هو سرعة الكوادر الصحية في جبهات القتال في التعامل مع حالاتهم وقد شكر هيمن جوهر الذي جرح في قصف الطائرات، الكوادر الصحية والأطباء الذين عرضوا حياتهم للخطر من اجل إنقاذهم من الموت.
عن نقاش