اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المصالحة التاريخيّة: ممنوع الضحك

المصالحة التاريخيّة: ممنوع الضحك

نشر في: 2 نوفمبر, 2016: 07:21 م

كلما يدور حديث عن المصالحة الوطنية  التي تحولت خلال الاسابيع الماضية الى " المصالحة التاريخية "  أتذكر الزعيم الأفريقي الراحل نيلسون مانديلا، وأخشى أن أسال: لماذا لايوجد مانديلا عراقيّ؟ لانني في كل مرة أشاهد زاسمع  عدداً من الساسة يتحدثون عن مآثرهم في المصالحة ، حتى أنّ خطيب العراق إبراهيم الجعفري خرج ذات يوم صارخاً ، زاعقاً : " مانديلا العراقيّ موجود، التفتوا حولكم وسترونه جيداً " الغريب أنّ الباحثين من امثالي عن مانديلا عراقي لم يجدوا غير ظلال  محمد الصيهود الذي قال لنا أمس من تحت قبة البرلمان " الاخواني " ان قانون العطل لن يمر ما لم يتم الموافقة على  اضافة يوم الغدير كعطلة رسمية  ، وفات النائب " الهمام " اننا نعيش منذ سنوات في مرحلة سبات دائم ، بين عطلة وعطلة هناك عطلة  .
يبدو الحديث عن مانديلا هذه الأيام أشبه بالحديث عن حلم عاشه رجل في زنزانة ضيقة وحين أطلق سراحه عمل جاهدا على المحافظة على بلد متماسك بكل ألوانه، كان الأمر في البداية أشبه بالمستحيل، فالكل يشحذ سكاكينه، والكل يتهيأ لحرب الانتقام، وكان أمام العجوز الذي خرج منهكا من المعتقل خياران، الأول أن يبدأ حرب الانتقام ضد البيض الذين عذبوه لأكثر من ربع قرن، وحكموا مواطنيه الأفارقة بقوانين تساويهم بالحيوانات، والخيار الثاني ان يحافظ على أمن وسلامة البلاد وروحها، فاختار الطريق الثاني ، وهو ألاّ يلغي مواطنة البيض الذين استقروا في هذا البلد منذ أكثر من ثلاث مئة عام ،  ليفاجئ العالم بسياسة اليد الممدودة، وعقاب المخطئين بمحاكمات الاعتراف العلنية لتطهير النفس بديلا للانتقام والقتل.وحين كان له الخيار في نائبه كأول زعيم إفريقي في بلده لم يذهب خياره إلّا لزعيم الأقلية البيضاء، دي كليرك، مؤكداً أن الإنسان الحق هو ذاك الذي لا يكرّر خطأ الظلم الذي ناضل كي يرفعه.
التسامح والغفران يتطلبان إيماناً بأن الأفكار مثلها مثل الأشياء تتحول وتتغير، أما عدم التسامح والعجز عن الغفران فهما دليل تعصب وجمود، وبسبب مانديلا الذي عمم مفهوم التسامح فإن جنوب أفريقيا اليوم أهم وأكثر دول القارة استقراراً ونجاحاً.
كان مؤسس الاقتصاد الحديث  آدم سميث  يقول لمن يريد ان يعمل في السياسة  : " عليك ان تراقب الانسان الذي في داخلك   ، وان تضبط نزواته وغرائزه" .  للاسف  لا احد من ساستنا يريد اليوم ان يراقب  ما بداخله ، لانه في المواقف الصعبة ، يظهر على حقيقته ، لم تعد الوطنية والنزاهة والسمعة الطبية من همومه  ، ما دام يجد من يصفق له وينتخبه ويسير خلفه  .  

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. بغداد

    أستاذ علي حسين بلا والله حق معك عندما اشرت في مقالك اليوم على معضلة مهمة جدا وهي معضلة العطل في عراق مابعد الغزو الأنكلومغولي وقلت ، وفات النائب الهمام اننا نعيش منذ سنوات في مرحلة سبات دائم ، بين عطلة وعطلة هناك عطلة. !!!!؟؟؟؟ بدأوها بتعطيل الأدمغ

  2. محمد سعيد

    البيئة والمحيط العام الذي نعيشه و يحكمنا قطعا لا يسمح ان يولد شخص عراقي من امثال مانديلا , لآنه سيكون خارج المنطق العام الذي يحيطنا خصوصا, واننا عشنا ونعيش علي الأنانية ,الطمع و الحدس والايمان الموهوم ان الله سبحانه وتعالي وهبنا دين حنيف

  3. ناظر لطيف

    المصالحة تستلزم وجود الدولة بقدرتها على انفاذ القانون، وجود المليشيات والسلاح خارج الدولة هو ينافي سلطتها في إنقاذ القانون، ضم المليشيات مع الدولة هو احتيال على القانون، اي حديث عن المصالحة مع الوضع القائم هو هواء في شبك.تقديم مصلحة الطائفة او العرق أو ال

يحدث الآن

اسعار الدولار تنخفض في بغداد واربيل مع الاغلاق

اقتصادي: ارتفاع صرف الدولار لا يؤثر على المواطن البسيط

مناظرة بين ترامب وهاريس على الهواء مباشرة في هذا الموعد

مدرب لايبزيج يوجه رسالة إلى برشلونة بشأن أولمو

وزارة العمل تطلق منظومة "ضمان" الرقمية الخاصة بالتقاعد الاختياري

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ (إصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة)

العمودالثامن: الكهوف المظلمة

العمودالثامن: النائب الذي يريد أن ينقذنا من الضلال

العمودالثامن: أحزاب وخطباء !

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

العمودالثامن: نواب يسخرون من الشعب

 علي حسين يملأ بعض السياسيين حياتنا بالبيانات المضحكة ، وفي سذاجة يومية يحاولون أن يحولوا الأنظار عن المآسي التي ترتكب بحق هذا الشعب المطلوب منه أن يذهب كل أربع سنوات ” صاغراً” لانتخاب...
علي حسين

الأحوال الشخصية.. 100 عام إلى الوراء

رشيد الخيون عندما تُعلن الأنظمة، تحت هيمنة القوى الدّينيّة المسيسة، تطبيق الشّريعة، تكون أول ضحاياها النّساء، من سن زواجهنَّ وطلاقهنَّ، نشوزهنَّ، حضانة أولادهنَّ، الاستمتاع بهنَّ، ناهيك عما يقع عليهنَّ مِن جرائم الشّرف، وأنظمة لا...
رشيد الخيون

مأساة علاقات بغداد وأربيل..استعصاء التجانس واستحالة التفارق

رستم محمود أثناء مشاركته في الاجتماع الموسع للأحزاب والقوى السياسية العراقية في العاصمة بغداد، ضمن زيارته الأخيرة، والتي أتت بعد ست سنوات من "القطيعة السياسية مع العاصمة"، رفض زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني والرئيس الأسبق...
رستم محمود

كلاكيت: للوثائقيات العراقية موضوعات كثر

 علاء المفرجي أثار موضوع تعديل قانون الأحوال الشخصية في العراق، من جدل اجتماعي أحتل ومازال مواقع التواصل الاجتماعي، أُعيد ما كتب في هذا الحيز عن فيلم (خاتم نحاس) إخراج فريد الركابي والذي انتجته...
علاء المفرجي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram