TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "خرزة عنيفصة" الدبلوماسية

"خرزة عنيفصة" الدبلوماسية

نشر في: 7 نوفمبر, 2016: 09:01 م

المرحومة  "عنفيصة"  وقبل انتقالها الى جوار ربها ،  اوصت  الأبناء والأحفاد  بضرورة الاحتفاظ بخرزتها الشهيرة بين ابناء قومها بقدرتها  على زرع المحبة  والتخلي عن الخصام مهما كانت اسباب الخلاف .  خرزة  عنيفصة اكتسبت شهرة عريضة تجاوزت محل سكن المرحومة في احدى قرى ريف الجنوب ، كانت  تثير اهتمام من يرغب في الارتباط بفتاة احلامه والعكس صحيح ، ما  ان يصل الشخص الى السيدة صاحبة الخرزة حتى تمنحها له من دون ثمن ، لكنها بعد نجاح التجربة لم تمنع نفسها من قبول الهدايا المادية والعينية مع الرحمة لأرواح موتاها.
فاعلية الخرزة في  انقاذ  قلب عاشق انهى معاناته بالارتباط على سنّة الله  ورسوله بمعشوقته ، اذهلت من شكك بقدرتها ، مع  محاولات لمعرفة اسرار قوتها ، كلها باءت بالفشل ، لرفض المرحومة فك شفرة خرزتها ، مع تحذير من طرح اسئلة  تزعج الملائكة الصالحين  فتحل اللعنة على الجميع . امام  التلويح بهذا النوع من التهديد ، تخلى  هواة الكشف عن الاسرار عن تساؤلاتهم ومنهم من اقتنع بقدرات الخرزة   وتأثيرها السحري والمجرب في فض النزاعات وحل المشاكل العشائرية ،  وبنجاح ساحق  حققت  الخرزة انجازات تاريخية ،   فالمرأة الراغبة في انجاب الابن  لمنع زوجها من الاقتران بأخرى  جربت الخرزة  وحققت  امنيتها،  ومن تريد الارتباط بعشيقها وان تجعل أبناء عمومتها يتخلون  عن "النهوة"  ، لا تجد سبيلا  إلا  الاستعانة  بالخرزة بعد التجربة  حققت الارتباط بفارس احلامها.
الحديث المتداول بين الأبناء والأحفاد  حول الخرزة  يشيرالى  انها مازالت تحتفظ  بفاعليتها ، لكنهم يرفضون منحها للراغبين في الحصول  خدماتها ، تنفيذا لوصية المرحومة ، لان خروجها من أيديهم يعني وصولها الى اطراف أخرى قد تستخدمها لأغراض معينة ، ربما تصادرها جهة سياسية متنفذة وتسجل باسم زعيمها ليسخرها في اقناع قواعده  الشعبية ، بانه صاحب قدرات خارقة على حسم الخلافات ، وتحويل الاعداء الى اصدقاء.
امكانية تحرك جهة  متنفذة للاستحواذ على "الخرزة السحرية"  امر وارد  في ظل  تنامي الاحتجاج الشعبي على الاداء  الحكومي ، وبروز حالة  سخط على النخب السياسية بعد ان توصل الشارع العراقي الى قناعة اكيدة ، بأن الوجوه الحالية المهيمنة على المشهد عاجزة عن اعادة النظر بمواقفها السابقة لتصحيح اخطاء كارثية ، تراكمت باشكال ومظاهر بشعة جعلت الأزمات ماركة مسجلة.
علاقات العراق بجواره العربي متوترة على الدوام لأسباب تتعلق بمواقف متقاطعة حول قضايا اقليمية ، بغداد من جانبها لطالما ابدت حسن النية لتطوير علاقاتها مع عواصم عربية ، لكن الأطراف الأخرى ترفض تحقيق التقارب ، فيما  ابدت وزارة الخارجية  اهتماما بجماعة الحوثيين في اليمن على حساب جهات اخرى ،  وذات الموقف تكرر في التعاطي مع احداث البحرين . الأنظمة العربية متهمة هي الاخرى بالتدخل السلبي  في الشأن العراقي ، خلال السنوات الماضية  وفرت للمتسللين فرصة عبور الحدود لينضموا الى الجماعات الارهابية ،  لينفذوا عمليات  انتحارية تستهدف المدنيين ، خيار اللجوء الى الحوار ما عاد مجديا  في اجواء تشهد تصاعد دخان تبادل نيران الاسلحة الثقيلة في اليمن وسوريا وليبيا ، الحل الوحيد هو الاعتماد على خرزة المرحومة "عنيفصة" لضمان استقرار امن  المنطقة .   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram