adnan.h@almadapaper.net
منتهكاً حكم البند (ثانياً) من المادة 61 من الدستور، لم يشأ مجلس النواب العراقي أن يستدعي وزير التربية لمساءلته ومحاسبته عن فشل وزارته في توزيع الكتب المدرسية المقرّرة حتى الآن، وهي قضية تتعلق بملايين التلاميذ والطلبة في البلاد كلها.
في جدول الأعمال الخاص بجلسة مجلس النواب المنعقدة أمس، جاء: "توجيه سؤال شفهي إلى وزير التربية محمد إقبال" من إحدى النائبات(!) من دون تحديد موضوع السؤال ولا السبب في عدم الطلب من الوزير الحضور إلى المجلس لتقديم مطالعته بشأن مشكلة الكتب المدرسية التي تسبّبت في ضجّة واحتجاجات واسعة في طول البلاد وعرضها، وفي جعل الكثير من العائلات تمتنع عن إرسال أبنائها وبناتها الى المدارس لعدم توفر الكتب ولغلاء اسعارها في السوق السوداء..
البند (ثانياً) من المادة الدستورية يقرّر أن من اختصاصات مجلس النواب " الرقابة على أداء السلطة التنفيذية"، ووزارة التربية جزء من هذه السلطة، بل هي من أهم أجزائها، وكان من اللازم أن يستدعي المجلس الوزير في وقت مبكر، بل كان عليه استدعاء رئيس الوزراء مادام وزير التربية قد أخفق في حلّ المشكلة.
عدم قيام مجلس النواب بهذا معناه تقصيره في القيام بواحد من واجباته الدستورية، بل هو قد حنث باليمين الدستورية التي أداها أعضاء المجلس: "أقسم بالله العلي العظيم أن أؤدي مهماتي ومسؤولياتي القانونية بتفانٍ وإخلاص... ".
يوم الجمعة الماضي ظهرت رئيسة كوريا الجنوبية على التلفزيون لتعتذر إلى شعبها، وهي تكاد تبكي، عن تصرفات غير قانونية قامت بها صديقة لها مستغلة صلتها بالرئيسة.
الرئيسة بارك جيون- هي اعترفت بخطئها في التغاضي عن زيادة نفوذ صديقتها تشوي سون- سيل وتدخّلها في إدارة الدولة، وأعلنت أنها تعدّ نفسها مسؤولة عن تصرفات صديقتها التي ووجهت، وهي ابنة زعيم طائفة دينية، باتهامات بممارسة نفوذ على الرئيسة والاستفادة منها والتدخّل في إدارة الدولة، ما أدى الى اعتقالها والتحقيق معها بتهمة الفساد.
قبل ظهورها على التلفزيون، كانت الرئيسة الكورية الجنوبية قد أقالت رئيس الوزراء ووزير المالية على خلفية هذه القضية، لكن هذا لم يكن كافياً لسكان البلاد الذين واصلوا احتجاجاتهم ومطالباتهم باستقالة الرئيسة نفسها المتهمة أيضاً بالمشاركة في "طقوس دينية" خاصة في مقرها الرسمي، وهو ما نفته الرئيسة وتعهّدت بقبول إجراء تحقيقات حول سلوكها.
رئيسة كوريا الجنوبية ليست متهمة بالفساد أو التقصير في أداء مهامها. مع ذلك هي تعتذر وتقبل التحقيق معها بشأن تصرفات غير قانونية لصديقة مقرّبة منها. أما عندنا فإن وزير التربية يقصّر في النهوض بأول وأهم واجباته، وهو توفير الكتب للطلبة والتلاميذ، فيما مجلس النواب لا يجرؤ على القول له "على عينك حاجب"، مكتفياً بتوجية "سؤال شفوي"!
للعلم فإن نحو نصف سكان كوريا الجنوبية لا دين لهم وربعهم بوذيون، فيما الأغلبية الساحقة من أعضاء مجلس نوابنا وحكومتنا ليسوا فقط مسلمين وإنما أيضاً أعضاء وقادة في أحزاب إسلامية، بمن فيهم رئيس مجلس النواب ووزير التربية القياديان في الحزب الإسلامي العراقي (الإخوان المسلمين)!!