TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عهد ترمب.. المواجهة المرجحّة؟

عهد ترمب.. المواجهة المرجحّة؟

نشر في: 9 نوفمبر, 2016: 06:14 م

 

adnan.h@almadapaper.net

يوم دخل رونالد ريغان إلى البيت الأبيض ليحتلّ مقعد الرئيس الأربعين للولايات المتحدة كان في عمر 70 سنة، فسجّل لنفسه أنه الأكبر سنّاً بين الرؤساء الأميركيين الذين سبقوه. الآن سيُسجّل لدونالد ترمب أنه المتقدم على ريغان في هذا المجال، إذ سيدخل إلى البيت الأبيض وهو في سن الحادية والسبعين.
ليس هذا فقط ما يجمع بين الرئيس الأسبق الراحل ( توفي في 2004 عن 93 سنة) واالرئيس المنتخب للتوّ الذي سيكون رقمه الخامس والأربعين في سجلّ الرؤساء، فكلاهما قد فاز عن الحزب الجمهوري المعروف بيمينيته. كما ان كلّاً منهما كانت له تجربة في مجال التمثيل (ريغان) أو العمل التلفزيوني (ترمب).
 عهد ريغان تميّز بتحولات كبيرة في السياسة الدولية، وأثمر تغيّرات كبيرة هي الأخرى في الخريطة السياسية الدولية بلغت ذروتها بتفكك منظومة الدول الاشتراكية الواحدة بعد الأخرى انتهاءً بانهيار الاتحاد السوفييتي. وعندما غادر ريغان البيت الابيض بعد ثماني سنوات كانت الريغانية التي وعدت بمحاربة الشيوعية ومعاداة الاتحاد السوفييتي وتفكيك حلف وارشو، قد تحققت.
 يبدو دونالد ترمب، بأفكاره المتطرفة على صعيد السياسة الخارجية، شديد الشبه برونالد ريغان. لكن ما الذي يمكن أن يفعله ترمب تطبيقاً للافكار التي طرحها خلال حملته الانتخابية؟
بدل الاتحاد السوفييتي توجد الآن الصين بوصفها الدولة المتحدّية، أو أقلّه المنافسة، اقتصادياً للولايات المتحدة التي وعد ترمب في "خطاب النصر" أمس بأن يجعلها الأفضل: "لن نقبل لأميركا بأي شيء أقل من الأفضل"، وبأن يُبقي اقتصادها "أقوى اقتصاد في العالم"، واعداً مواطنيه بالعمل على "إصلاح البلاد وإعادة البنية التحتية، وخلق فرص عمل للملايين"، و"مضاعفة النمو الاقتصادي".
إذا ما أراد ترمب وضع هذه التعهدات موضع التنفيذ سيجد نفسه في مواجهة مع الدول الأخرى ذات الاقتصادات القويّة، وهي جميعاً تعيش الآن واحداً من أسوأ الأوقات في ظل أزمة اقتصادية شاملة لا تبدو في الأفق ملامح التعافي منها قريباً أو على المدى المتوسط. الخطاب الانتخابي لترمب يشي بأنه يمكن أن يكون على هذا الصعيد مثل سائق بلدوزر أعمى.
على صعيد آخر فإنه بدلاً من الشيوعية التي كرّس ريغان كل جهوده لمحاربتها، ليس أمام ترمب غير الإسلام  الذي سعت الأوساط الأميركيّة المتطرّفة، وترمب قادم منها، لجعله العدوّ الأول للولايات المتحدة، متذرّعةً بالإرهاب الدولي الذي تقف وراءه جماعات الإسلام السياسي المتشدّدة. ولابدّ أن نفهم أنّ انتخاب ترمب بدلاً من هيلاري كلينتون إنّما يُعبّر عن نزعة متطرّفة لدى المجتمع الأميركي هي ردّ فعل على التطرّف الإسلامي الذي كلّف الأميركيين الكثير من الأرواح والأموال ابتداءً منذ واقعة 11 سبتمبر 2001. والأرجح أنّ ترمب واليمين الأميركي المتطرّف سيعملان على رفع درجة المواجهة مع الإسلام إلى مستوى الحرب المقدّسة. هذا ما يتعيّن أن نتنبّه له بكلّ حواسّنا لندرك أنّ منطقتنا قد تكون مقبلة على حقبة أكثر اضطراباً في عهد أميركي جديد يدفع نحو النزوع للتعويل على استخدام القوّة أكثر.
خيارنا، لتجنّب المزيد من الحرائق وأنهار الدم، أن نواجه، حكومات ومجتمعات، المنظمات الإرهابية وتنظيمات الإسلام السياسي المتطرّفة، وانتهاج سبيل الاعتدال، والتحوّل الى النظام الديمقراطي الذي من شأنه تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار، بأدنى الحدود في الأقل.  

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. خليلو...

    عسى ربك أن يستجيب لصاحب هذه النبوءة فيحققها لكل حالم بها فتزهر الأشجارمرة أخرى زهرات خضرا وزرقا وصفرا وحمرا وبيضا آمين يا رب العالمين

  2. بغداد

    الاستاذ عدنان حسين للقضاء على الأحزاب الأسلامودموية المتطرفة وهي بالأحرى جميعها متطرفة ومتورطة بسفك الدماء والسرقة والنهب وتجارة المخدرات والسلاح والدعارة معاً بشقيها الأحزاب الشيعية الأبليسية المتعددة الميليشيات ( فرق الموت !) والأحزاب السنية الأبليسية ا

  3. سعد عبد الرزاق

    الأكثر من ذلك، ان ترامب نجح في ايقاظ فئة شبه معدمة في الولايات المتحدة التي لم تشارك سابقاً في الآنتخابات، والتي تشمل العاطلين عن العمل والفئات الدنيا البيضاء من الطبقة العاملة، والكثيرين من اليمين المتطرف المعادين للأجانب والهجرة . ان المسألة الأساسية

  4. د عادل على

    سوف لا يتغير شىء فى امريكا لان هناك تشابه كبير بين الحزب الجمهورى والحزب الديموقراطى------هناك خطوط حمراء لايتجرا احد على عبورها والسياسة الخارجية والعسكرية واحدة والسياسة الماليه يقررها شارع الحائط والشركات العملاقه-الاختلاف فى السياسة الاجتماعيه وال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram