اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > علي رضا سعيد..حوافل إشراقات المدنية العتيقة

علي رضا سعيد..حوافل إشراقات المدنية العتيقة

نشر في: 12 نوفمبر, 2016: 12:01 ص

ينوء الماضي عبر خُلاصات كونه الأبَ الشرعيّ للمُستقبل، بحمل تآوهاتِ نزعاتِ مطاولةٍ وتسوياتِ تخزين انتقائي، تلج ثنايا محتويات اللاشعور، ليكسب- حيال كل ذلك جملة عمليات كامنة ومُعقدة منها ما هو عقلي،ومنها نفسيّ- ثقة المثول المُثلى من حيث صلاحية استدعاء أ

ينوء الماضي عبر خُلاصات كونه الأبَ الشرعيّ للمُستقبل، بحمل تآوهاتِ نزعاتِ مطاولةٍ وتسوياتِ تخزين انتقائي، تلج ثنايا محتويات اللاشعور، ليكسب- حيال كل ذلك جملة عمليات كامنة ومُعقدة منها ما هو عقلي،ومنها نفسيّ- ثقة المثول المُثلى من حيث صلاحية استدعاء أحزان أو مباهجِ حضورٍ حيويّ،حي ونابض، لإحداثيات ما جرى خزنهُ وتمّ ترّشيحهُ أو تشفيرهُ وجريان نواهل الغرف من ينابيعه وقت ما تدلي بدلوها (ميكانزمات) الذاكرة بمختاراتها القادرة على توريد مكامنها وفق مقدرات حذفٍ وحرفياتِ تقانةِ اختزالٍ قد توازِي أو تحاذي قيمة تقيم محتوياتها وذخائرها الأكثـر سطوةً وسطوعاً على مخيلة الفنّان الحاذق المُبتكر في خلق موازنة،حانية، دقيقة الربط ما بين زمن مضى...

ولا يمضي على حدِ وصف الشاعر (محمود درويش)،وما بين زمنٍ لم يزل يتنفس من خلايا نبضات ومسامات وجوده فينا،كما في التماعات وتحديثات رؤى وتأملات الفنّان التشكيلي (علي رضا سعيد) في خِضم اختياراته وتعزيز انطباعاته الحسيّة و النفسيّة عبر تسامي رصف مشاعره وتحليقات عواطفه باتجاه تعميد مواقف وحالات ذاكرتيّة تشي بزهو هذا الانفتاح التتابعي والتنوّع الثر في رصدِ ورصِ واقتناص صورٍ واستذكارت لتقابلاته الوجدانيّة ولواعج نهج وعيه الجماليّ في مثمنّات مِلاك معرضه الأخير، الذي تبنّت استضافته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) بعد أن تمّ تحديد الأول من تشرين ثاني/ نوفمبر-هذا العام-موعداً لافتتاحه واستمراره لغاية العاشر منه، على قاعة المعارض في مبنى مقرها في (تونس) تحت ثريا عنوان (إشراقات المدينة).

الماضي ... ظل الحاضر
يضع (علي رضا) مقوّمات تدابير ثوابت  قابلة للتناوّر والتحاوّر في أنساق وخواص تجربته ، من خلال إمكانيّة جعلها  تتبارى ما بين  جدليّة الفكرة التي تسكنهُ ويسعى لتحقيقها وتلخيصها بالرسم حلماً متوقعاً واستحضاراُ لملامح ماضٍ قريب من (ألبومات) وعيه المحوّر، وما بين محنة الحَاجة المُلحة في التعويض عمّا فاته من ذكرياتٍ لم تعُد سانحة- كما يجب- في سحب مُستقبلات واسترجاعات لا وعيه، بالشكل الذي يبغيه ويـأمله ويرجوه، حيث يُصعب عليه -الآن- لملمة شذارات تلك الذكريات بالقدر الذي يُحيي من جوهر حقيقة روح مدينةً مثل (بغداد) تلك التي درس وعاش وعمل في ميادين صَحافتها ومعاهدها و جامعاتها، ومُرّفقات ووثائق هوية مدينته التي ولد فيها وترعرع (بعقوبة)- مركز محافظة ديالى، وبعد كل ذلك تنهض (تونس)- اليوم والأمس القريب- عبر مسارب تفاعل الإقامة ومقامات العيش مع متواليات سنوات توسيع آفاق ومديات دراساته العليا(ماجستير/ فنون تشكيلية)و(دكتوراه/ علوم وتقنيات الفنون)، ومراسي مراسيم تدريسه لمادة الرسم في المعهد العالي للفنون الجميلة- بتونس/ جامعة تونس، وفي خلقِ مناخٍ مرن ومتماسك دَرج يُعمّق من أثر صدق وألق حضور محصلات ثوالث هذه المُدن و جدارة جودها الطوعي والقسري في حياة وضمير وذاكرة الفنّان حدّ إدغام بعضها ببعض في اتحادٍ سيامي بالغ التأثير هتف يتباهى بمدّ أواصر لغة الشدّ الانفعاليّ والتعبيريّ، كالذي حاول -هنا- (علي) ليّ اختصار أبعاد ومديات تفكيراته ومعارفه الجَماليّة وخبراته الإدائيّة المُتقدمة إلى ما شاء لها من سعة تواصل وإتساع  وتوريد مساعي واستذكارات وسوانح تسجيل واستحضار لعوالم وملامح  شخوص تنتمي لذواكرها وتطلعات أحلامها في الأماكن وأروقة الأزقة التي حفرت عميقاً في نسيج وخواص متممات وعيه اليقظّ ، المتراكم والمحكوم بتواثبات وهج لمّاح حَفل يحتمى بالماضي حيّاً ... شاخصاً ... نابضاً ومتحركاً في دواخل وقيعان عمق هذا الفنّان قبل اتباعه تقنيات نقل تلك الأحاسيس صوب مساحات وفضاءات متسقات لائبة...عابقة بنكهات حنين طاغٍ للحياة ووجع الذكريات المُلّحة التي حاول وناور في ترجمة بعضها إلى ملاحم بصريّة بهيئات أعمال طافحة بالتوادد والتناغم المتاخم لبلاغة ذلك الصمت الهامس بلغة الضوء، والجمال الرائق بسحر هندام أناقة الألوان التي يستعين بها (علي رضا)، ويسعى في ترميم و تنظيم أحزان حاضره بنسق هذا الدفق والحنو وجلال هيبة تداخل الحشود الآدمية الخالية من ملامحها -غالباً-  والتي يملأ  ويشغل بها أغلب مساحات لوحاته.

تحوّلات الرأس.. وحفرياته
زها هذا العرض بالحدّ من تشظية مراميه، بالإبقاء على صالح غاية الهدف الأسمى  الذي أسس لمتعة التملي والتأمل بالأماكن الضيقة والقديمة المُعانقة لإشراقاتها الروحية والدلاليّة وسوالكها التعبيريّة،مع وجوب جوانب تجريديّة ماتعة في ترصيف حدودها  التأويليّة، ما فِتئت تُثري بهاء وهدوء تلك اللحظات المباغته بفيوضات ذاكرة خصبة، فضلاً عن  تسواق دقة و براعة سمة التداخل  الضمني ما بين جموع الشخصيات التي تبدو- في الغالب- مُغادرة وليست قادمة، ممّا يعطي ليزيد من جاذبيّة وحيويّة الحركة داخل المشهد الواحد، وبما يسهم -كذلك- في توسيع إجرائي لمهام  فعل التأويل الذي هو الأُس الأبلغ في تماهي جوهر العلاقة ما بين العمل الفني وثقافة المُشاهد، وما بين زحمة أسرار سحر تلك المباني العريقة بشواهد عُتق وعمق تقادمات الزمن عليها، الزمن الذي يقول عنه (شكسبير)؛(إنه يسير منتصب القامة دائماً)، إلى جانب حنو وحميّة  الأقواس والمآذن والدوائر والمُنحنيات الليّنة والطيّعة التي وسمت أعمال وتمهيدات (علي) منذ فجر طلائع أولى معارضه الشخصيّة ( بغداد- قاعة الرواق/ 1988) حيث المُرونة والانسيابيّة و رشاقة الخط وصلابة قوة التأثير والتعبير الموازِ لرهافة رقة الشِعر وغِنى التمّسك بالإيقاع كمعادلٍ موضوعي لروح ونقاء ما يجب أن تنسجه الموسيقى الراقية من لوازم عزفها لسيمفونيّات اللوّن وتباريات نصاعة الضوء الذي يغمر بها ويعمّد أجواء وتنويعات لوحاته، المُنفذ- بعضها- بعدد من المواد(زيت / إكريلك/ فحم) وغيرها من الخامات والمعاجين (وتر- بروف) أو باتباع تقنيات الحك و اللصق (كولاج) حين يهمّ لكي يداري مهارات تواثباته ومُقدرات فرضه لمعادلات ومواقف دراميّة شافعة في تلبيّة استجابات لدواعي تلك الحالات واللحظات الممهورة بوقعها الأثير على بنيان ومحتويات ذاته، وفي تقابلات ما موجود ومحفور في آثار متحف ذاكرته، وما مُثبت في تقاويم وما منسوخ من وشائج (أكسير) وطأة سحر تلك المُدن (بعقوبة/ بغداد/ تونس) التي جاء يختصرها جميعا في خزانة هذا المعرض تحت مُسمى (إشراقات المدينة)، وتلك مهارات تعويضيّة، أجاد فيها الفنّان نحت ذاته حتى على منوال ما تقصّد من إلحاق مجموعة من الأعمال المرسومة بالأسود والأبيض فقط، في جرأة مثابةٍ تَخيّلية مرهونةٍ ومحددة بزمنٍ معين-ربما- ترنو أو تشير تلك الأعمال إلى زمن التصوير الفوغرافي غير الملوّن المركونه في احدى صفحات (ألبوماته)، بالإضافة إلى خصوصيّة هاجسها الملحمي،التي أحالتني أجواؤها-هكذا بخط  رأي انطباع عام- إلى مجموعة اعمال الفنّان الإسباني الشهير (غويا) المقرونة  بفترة رسمه لعدد من اللوحات السوداء، وإن اختلف الأمر- تماماً- من حيث المضمون وتحديات الشكل والمناسبة، كذلك أصل الموضوع، ففي اللون الأسود طاقات هائلة لا يجرؤ على فضح مكامنها إلأ من تملّك هبات الوعي المُختلف عن المألوف والسائد ، والجرأة المحسوبة بانزياحات  انفتاحها الحرّ- ربما .... كما فعل (بيكاسو) في رائعته (الجورنيكا).
=صاحب مهابات هذا العرض أن تتجلّى بمُترادفات فرض مقاصد أعمال حفريات قام بإجرائها (علي رضا) من خلال عملين بقياسات صغيرة،على منطقة الرأس كونه مصدرا مُلهما وباعثا للأفكار والأحلام والتصوّرات، المُماثلة والقريبة من مرموزات منحوتة (الثور المجنح) المعروفة في حضارة العراق القديم التي تشير لـ (رأس الإنسان) على أنه مصدر للأفكار-كما ذكرنا- و(جسد الثور) الذي يقابل القوة ، ثم (الجناح) بمثابة التحليق والسمو، فيما يتوهج الرأس لدى هذا الفنّان بتعامدات ذهنية وفكريّة تطامن فكرة الحلم الواحد أو مجموعة الأحلام والأماني والطموحات التي تجتاح مخيلة الإنسان في خِضم متاهات وحدته الدائمة ومجريات بحثه المستمر عمّا يُسعده ويُجلي ويُبددّ عنده سحائب الخوف والقلق والتوّجسات التي يُضمهرها  له المستقبل.!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram