جميلة كلمة (الديمقراطية ) حين تغازل العقول والقلوب فهي تعني ببساطة أن الشعب يمكنه المشاركة في اختيار من يحكمه ،وهكذا نفضت بعض الشعوب عنها بهذه الكلمة غبار الدكتاتورية وقطعت أشواطا متقدمة في طريق التقدم والرقي ، وبهذة الكلمة ايضا خدعت شعوب اخرى واصبحت أسيرة لحكم كتل كبرى تعتقد أنها الأحق في قيادة البلدان ومارس بعضها الدكتاتورية باسم الديمقراطية ، وباسم هذه الكلمة ، صار يمكن ان نتوقع ان يصبح أيّ كان رئيسا لبلد كبير او صغير سواءً كان لصا ًأو فاسداً أوأحمقَ و مجنونا فليس كل شخص نزيه او وطني قادر على الترشيح ثم الفوز بينما يمكن لمن يملك المال او الإسناد او الشهرة تحقيق ذلك بسهولة ، ويبقى اهم شيء بالنسبة له هو ان يفوز في الانتخابات دون ان يبرر للناخبين انه لم يكن يستحق الفوز !
ترامب مثلا ، بدأ حملته الانتخابية مكروها ومحط سخرية وانتهى فائزا ورئيسا لواحدة من اعظم الدول الكبرى في العالم ، وتمكن باسم الديمقراطية من الانضمام الى قائمة رؤساء امريكا الذين لايحكمون العالم بل يساعدون امريكا على ان تحكم العالم ويصبحون واجهة لها بينما لايمكنهم الحياد عن خط سياستها المرسوم بعناية من قبل متخصصين ومستشارين والذي يقتصر دور الرئيس فيه على اضافة لمساته المتوائمة مع شخصيته وتوجه حزبه ..
قبل عقود ، وبعد ان تمكن هتلر من الوصول الى سدة الحكم في ألمانيا عن طريق الانتخابات ، ثم اصبح دكتاتورا ، قال :" قريبا سوف يمكن ان يمر جمل من عين الإبرة ولايمكن ان يكتشف رجل عظيم من خلال إجراء الانتخابات .." فهو يدرك جيدا ان عظمة الحاكم لاتأتي من اختياره عن طريق الانتخابات بل مما يفعله بعدها ليترك بصمته على خارطة سياسة بلده ، لأن الشعب يختار مرشحيه غالبا بناءً على تكهنات وتوقعات يرسمها من مراقبته لسلوك المرشح وتاريخه وأسلوبه في طرح برنامجه الانتخابي المليء بوعود تداعب آمال الناخبين ولكنه لن يكتشف مايخبئه له المرشح من خفايا إلا بعد ان تصبح تجربته له اكبر برهان ...
ولأن ترامب المعروف بعدائه للمسلمين والمتشددين خصوصا ربما يكون ذا فائدة فقط في محاربة الإرهاب وإنهاء ملفه للتفرغ لملفات جديدة تتعلق بمصلحة بلده كملف الطاقة وترتيب فوضى السياسة الداخلية في الشرق الاوسط وتعديل ميزان القوى الكبرى بما يضمن ارتفاع الكفّة الامريكية ، لكن الإرهاب لايمكن محاربته بالديبلوماسية بل بإرهاب مثله وربما اكثر ضراوة منه ،وهو ماقد يهدد المنطقة بصدامات جديدة تخوضها القوى الكبرى في ساحاتنا ونكون لها حطبا وضحايا بهدف الخلاص من الارهاب وربما تنتهي بتقسيم سوريا والعراق لضمان إرضاء المكونات والكتل والاحزاب المتناحرة فيهما وضمان ولائها بهدف إنجاح سياسات الدول الكبرى في تعميق نفوذها وإشباع أطماعها في المنطقة ...
وهكذا ،نكتشف ان الديمقراطية مجرد كذبة كبيرة يظن الشعب أنها وسيلته لاختيار مصيره لكنه في النهاية يصبح وسيلتها لاختيار من ينفذ برامجَ سياسية مرسومة بدقة حاملا لقب الرئيس ..حتى لو كان لصا او فاسداً او أحمقَ ....أو مجنوناً!
أكبر برهان...
[post-views]
نشر في: 11 نوفمبر, 2016: 09:01 م