اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > عبد الكريم قاسم والسـاعــات الأخيـــرة

عبد الكريم قاسم والسـاعــات الأخيـــرة

نشر في: 7 فبراير, 2010: 05:19 م

د. عقيل الناصريبدء الخناق يشتد على بناية وزارة الدفاع بعد ظهر اليوم الأول لانقلاب شباط  إذ حوصرت من اغلب جهاتها خاصة بعد التحاق العديد من العسكريين المناوئين لسلطة تموز بوحداتها العسكرية تلبية لنداء إذاعة الانقلاب وبغض النظر عن موقفهم من السلطة الجديدة وطبيعتها وقوامها فلقد خضعوا لمنطق الأنظمة العسكرية وضوابطها ولم يمعنوا لتفكير في ماهية السلطة الجديدة ومدى شريعتها الدستورية وآفاقها اللاحقة.
التحقت بقوى الانقلاب بعد ظهر ذلك اليوم وحدات من بطاريات المدفعية المتمركزة في الجهة المقابلة لوزارة الدفاع عبر نهر دجلة في جانب الكرخ كما التحقت مجموعة جديدة من الدبابات لتنضم الى القوى المهاجمة للوزارة من شارع الرشيد وانضمت إليها طائرات جديدة الى جانب تلك التي شرعت بقصف وزارة الدفاع ومعسكر الرشيد،هذا التكثيف والمساندة لقوات الانقلاب أدت الى تركيز الهجمات العسكرية على مقر الزعيم عبد الكريم قاسم حيث قصف بعدة صواريخ جو- أرض بغية قتله بأسرع ما يمكن خوفاً من احتمال قدوم نجدات من الوحدات العسكرية القريبة من بغداد.في هذا الوقت طلب الزعيم عبد الكريم قاسم من مدير الحركات العسكرية عبد الرحمن عبد الستار الاتصال بكتيبة مدرعات خالد في منطقة المشتل يستحث أمرها بأمر تحريري الإسراع بالقدوم لفك الحصار المضروب على الوزارة، لكن الرسالة كما تقول المصادر لم تصل الى مبتغاها اذ وقعت في أيديهم، والتساؤل الذي يطرح نفسه هنا، لماذا لم يتحرك أمروا الوحدات العسكرية المناط بهم تطبيق خطة أمن بغداد بما فيهم هذا الآمر؟ أو أولئك المعنيين بجوهر الانقلاب والعارفين بخفاياه؟ هل الأمر متعلق بالحالة النفسية وما شابهها من ارتباك نتيجة المباغتة والأخبار الكاذبة عن مقتل الزعيم قاسم؟ ألا يستطيعون الاستنتاج وهم المحاربون المحترفون؟ إن استمرار القصف الجوي والأرضي بضراوة يعني أن المسألة غير محسومة وأن هناك مقاومة مستمرة، أو أن الامر متعلق بانعدام الرؤيا السياسية الواضحة للصراع القائم ورغبتهم بالوقوف على التل لأنه الأسلم كما يتصورون برغم معرفتهم بحصافة وسلامة موقف الزعيم قاسم في عملية الصراع القائم آنذاك، أو يكمن ترددهم في عدم مساندة الزعيم لاسباب فنية صرفة غير معلن عنها، أو أن بعضهم حاول الشروع بالتحرك في المساندة وهذا ما حدث فعلاً على قلته، لكنهم قمعوا بقسوة من قوى الانقلاب والضباط المتمردين.إن واقع التشتت الذي أصاب كل خلايا المجتمع العراقي في تلك الفترة العصيبة وما سبقها من ظروف يفرض نفسه في عدم إمكانية التماثل والتساوي في مواقف أمراء الوحدات العسكرية من الانقلاب ومساندة الزعيم قاسم من عدمها خاصة أولئك الذين لم يكونوا مع الانقلاب لا روحياً ولا نفسياً، ويبدو أن هناك ظروف غير معروفة أو غير منشورة حالت من دون تنفيذ أوامر القائد العام للقوات المسلحة علماً أن الأغلبية المطلقة من المراتب الدنيا والجنود كانت تبدي حماساً ملحوظاً في ضرورة التحرك لفك الحصار عن وزارة الدفاع وإخماد حركة الانقلاب، لكن الأمر النهائي كان مناط بضباطهم وقيادات وحداتهم الذين ينقصهم الوعي السياسي للعلاقة المبدئية للزعيم قاسم وضعف المبادرة الذاتية.وفي حدود الساعة الثالثة أدرك الزعيم قاسم، حسب استنتاجنا خطأه في اعتماده المعايير العسكرية البحتة وحدها في إشغال المراكز الحساسة ومفصلية داخل الجيش في ظروف كان المفروض فيه الأخذ بالاعتبار موقف الضابط السياسي والعسكري في آن واحد، وتجلى موقف هؤلاء المترددين في ساعات الانقلاب الأولى حيث كان عبد الكريم قاسم يعتقد أن الضباط سينفذون أوامره وكان كلما كلم ضابطاً على إنفراد أبدى استعداده وقال نعم والآن سنخرج وسننفذ الأوامر، لكن ما أن يقفل عبد الكريم سماعة الهاتف حتى توضع أوامره جانباً ولا تنفذ بعدها أدرك الزعيم قاسم متأخراً موقفه من المنظمات الاجتماعية والنقابية التي كانت تؤيد جوهر سياسته العامة تلك التي احتشد أعضائها وقياداتها السابقة أمام الوزارة مطالبة إياها توزيع السلاح عليها في الوقت الذي سلمتها الأجهزة الحكومية والأمنية لشخصيات لا لون لها ولا موقف محدد من مصير النظام وآفاقه.لقد انتظر الزعيم قاسم معرفة ردود أفعال القوى المؤيدة له من حزبية ومستقلة إزاء مفعول البيان الذي أملاه على مدير الأمن العام مطالباً فيه الجماهير بعدم الامتثال لقرار منع التجوال الذي أذاعته إذاعة الانقلاب وخروجها للشوارع دفاعاً عن الثورة ومشروعها وعرقلة القوات المهاجمة، لكنه فوجئ كما تقول المصادر بخلو الشوارع، وهنا نتساءل مرة أخرى هل استجاب مدير المن العام لهذا الطلب؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فهل وزع منتسبو هذا الجهاز البيان كما أمر الزعيم قاسم؟ أم إنه تم الاكتفاء بطبع البيان تلافياً لاحتمال المحاسبة عند فشل الانقلاب، لذا لم يوزعوه بالشكل المطلوب والمفترض.من جانب آخر لماذا لم تتحرك قوى الأمن بصورة ايجابية وتستخدم ما لديها من إمكانات مادية لعرقلة قوى الانقلاب من الوصول لغايتها؟ وهل كان الاعتقال المبكر لمدير الأمن العام من قبل قوات الانقلاب دوراً في شل فعالية قوى الأمن ؟ أو ربما كان صدور الأمر تعيين جميل صبري مديراً للأمن العام من قبل إذاعة الانقلاب قد أفشل موضوع طبع وتوزيع البيان؟ ستبقى كثير من الاستفهامات تطرح نفسها وستظل الإجابات عليها طي الكتمان ما لم تنشر المعلومات الرسمية عن مجريات الأمور في مدي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram