منذ ظهوره مرشحاً للحزب الجمهوري ، لفت الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب اهتمام ملايين سكان الكرة الأرضية بطريقته في تسريح شعره ، وجعل "البكلة الشقراء " ماركة مسجلة باسمه . المنطقة العربية بكل محلليها السياسيين تعاملت مع تصريحاته بحذر وترقب ، مع شبه اجماع في العراق يشير الى ان القادم الجديد الى البيت الابيض سوف "يزين شيب ابو الدواعش" ويقضي على خلافتهم لتشهد المنطقة مظاهر الاستقرار الأمني ، باستخدام عصا غليظة لإنهاء النزاعات المسلحة في بؤر التوتر.
القراءة العراقية الاستشرافية لتصريحات ترامب فيما يتعلق بالقضاء على داعش، استندت الى حقيقة مازالت حاضرة في الذاكرة الشعبية ، فمصطلح "زيان الراس" يعني وقوع كارثة او مصيبة على رأس احدهم .في زمن الحرب العراقية الإيرانية كانت المكالمات عبر الهواتف الأرضية وخاصة في أيام احتدام المعارك بين الطرفين ، تعتمد الشفرات للإخبار عن مقتل ابن فلان بالقول "حجي عودة تزين راسه اليوم" ويفهم السامع على الطرف الآخر من الخط ، بأن نجل الحجي قتل ، ونعشه الملفوف بالعلم المنقول بسيارة يستقلها المأمور من ميسان الى بغداد ثم الى مدينة صدام ،الثورة سابقا الصدر حاليا، في طريقه للوصول الى مقر الفرقة الحزبية ومنها الى بيت الحجي . بعد إجراء التشييع يتوجه "الجنّازة" ،اي الأشخاص من كبار السن، وهم عادة يرافقون النعش متجهين الى محافظة النجف حيث تقع مقبرة وادي السلام ، وتتكرر حالة "زيان الراس" في كل يوم ، وربما بالساعات فالاتصالات الهاتفية ساخنة ، والإعلام الرسمي يبث الأناشيد بانتظار إعلان تصريح للناطق العسكري او بيان صادر عن القوات المسلحة ، وعلى إيقاع حماسة المذيع ، يخيم الوجوم على وجوه الأمهات والآباء ، فهناك مرشحون كثر" لزيان الراس" في صالون الحلاقة الواقع وسط الجحيم العراقي .
محللون سياسيون تعاملوا مع مقولة ترامب بأنه سيقضي على تنظيم داعش بسقف زمني لايتجاوز 100يوم بردود افعال متفائلة ، فهناك من يعتقد بأن الرئيس المنتخب سيقول لعدو الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة "اليوم ازين راس ابوك" يعني انه سيستخدم كل الوسائل المتاحة والمتوفرة لإنزال العقاب للقضاء على الجماعات الإرهابية بتجفيف مصادر تمويلها ماليا وفكريا .
الجحيم العراقي قطع آلاف الرؤوس جراء اندلاع صراع سياسي على السلطة ، حماقات الماضي انتقلت الى الحاضر ، فصادرت امكانية النظر الى المستقبل. بفرضية تصحيح ترامب أخطاء سلفه اوباما في انتهاج سياسية خارجية جديدة تسهم في استقرار أمن المنطقة ، وتساعد الحكومة العراقية على استعادة مدنها الخاضعة لسيطرة الدواعش ، هل يستطيع الرئيس المنتخب ان يقنع ملايين العراقيين بدور واشنطن في تعزيز النظام الديمقراطي ، ام انه سيبحث عن حلفاء جدد يجيدون زيان شعر الرؤوس نمرة صفر، لتبقى النخب السياسية مهيمنة على المشهد الى يوم القيامة ، بدستور مختل ، وسط حاجة ملحة وضرورية لتعديله، ولكن بلا جدوى .
حرب العراقيين للتخلص من داعش اعادت بشاعات سنوات سابقة ، والتهديد بـ "زيان الراس" يهدد الجميع . وللاحتفاء بما تبقى من الأحياء لاخيار أمام المتمسكين بالحياة إلا الإيمان بمقولة ترامب ، وفريقه الجديد ، ها اخوتي ها "ترام النشمي يصفّيها ".