TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اختبار لـ (الوطنية)...

اختبار لـ (الوطنية)...

نشر في: 14 نوفمبر, 2016: 09:01 م

تتواصل عمليات تحرير الموصل التي توقع بعض المحللين انها ستحسم خلال فترة قصيرة ، لكنها – وكما يبدو من تداعيات الأحداث- ستستمر شهوراً اخرى ..فالموصل مدينة كبيرة وقد استغلت داعش وجودها فيها لسنوات لتغيير الكثير من معالمها وتفاصيل الحياة فيها ووصمتها بطابعها المتطرف فضلا عن تأمين وجودها فيها بحفر انفاق وممرت سرية ..والموصل ايضا مدينة ملونة الأطياف وتكثر المطامع حولها وترافق تحريرها هواجس وتكهنات عديدة حول ما سيكون عليه وجه المدينة وخارطتها بعده ومن سيكون له الفضل في تحريرها ومن ستكون له الحظوة في تحصيل مكاسب اكثر من وراء ذلك ...
قبل ايام اثار فيديو تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي حول قتل الجيش العراقي لطفل من اطفال الموصل ثم سحقه بدبابة ردود فعل شديدة ومتباينة ، فهناك من اعتبر قتل الطفل بهذه الطريقة البشعة جريمة بحق الجيش العراقي خاصة وان الفيديو ينقل صورة مسلحين يرتدون الملابس العسكرية ، وهناك من دافع بقوة عن الجيش واعتبر الفيديو وسيلة داعشية جديدة استخدمتها داعش ببراعة لتشويه صورته نظرا لما عرف عن داعش من استخدامها الإعلام لتسويق افكارها ورؤاها خلال فترة وجودها في العراق وسوريا ...
وبغض النظر عما اذا كان الفيديو صادقاً او مفتعلاً ومدبراً من جهة تسعى الى خلط الأوراق والتشكيك في نوايا الجيش العراقي الذي يضحي بدماء ابنائه من اجل تحرير الموصل من شراذم داعش ، فماحصل يصور ببساطة ماستكون عليه المرحلة المقبلة التي ستحفل بالكثير من التداعيات والمؤامرات والملابسات والمفاجآت ذلك لأن مدينة الموصل ليست كغيرها من المدن التي وقعت تحت سيطرة داعش وماسيعقب تحريرها لن يكون واضح المعالم بوجود كل تلك القوى التي تتقاسم القتال فيها وستحاول ان تتقاسمها هي ايضا اضافة الى الأيدي الممتدة اليها من الخارج لاقتطاف ثمرة تخليصها من داعش ..
يمكن ان نشبه مدينة الموصل حاليا بامرأة جرى اغتصابها بوحشية وامضت سنوات تحت رحمة مغتصبها لدرجة انها حملت بعضا من ملامحه ، لكنها وفي اعماقها ظلت تهفو الى حلول يوم الخلاص من سلطته لتنتقم لشرفها المهدور وتستعيد حياتها ...وتعيش الموصل اليوم فرحة اقتراب اليوم الموعود ، لكنها وحين ستشهد اندحار مغتصبها ومصرعه ، لن تستعيد توازنها وستظل منكسرة ومشوشة لأنها ستحتاج الى فترة تأهيل تزيل عنها كل ماعلق بها من ادران داعش وافكارها وترد اليها احساسها بكرامتها وطهارتها ..ستحتاج الموصل في الفترة المقبلة الى تعاون اهلها وتآلفهم وتكاتفهم فلن ينقذها الا اتفاقهم على ادارة مدينتهم بما يحقق لها التوازن ويمدها بالقوة لمواجهة الأطماع الخارجية ..وتحتاج مدينة الموصل قبل ذلك الى اتفاق القوى الحاكمة في البلد على اعادة هوية المدينة اليها من خلال الاهتمام بمشاكلها الجديدة ..إعمارها ، إعادة اهلها النازحين اليها ، التعامل بذكاء مع بقايا الأفكار الداعشية التي داعبت رؤوس البعض وتاثروا بها لطول فترة تواجد داعش في المدينة ..وسيكون على السياسيين العراقيين ان يوحدوا انتماءاتهم وتوجهاتهم تحت خيمة واحدة مع اقتراب الانتخابات لعبور الطائفية والمحاصصة وان تكون البداية مع الموصل لأن الفشل فيها يعني فشل ملامح الدولة مستقبلا..
علينا اذن ألا نصدق كل ماتسوقه وسائل الاعلام في مايخص معركة (تحرير الموصل)  فكل ماسنراه او نسمعه من مفاجآت سيهدف الى زعزعة ثقتنا ببعضنا ونحن نخوض اصعب اختبار لوطنيتنا فيها ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram