TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حين تكون الحكومة السبب!

حين تكون الحكومة السبب!

نشر في: 22 نوفمبر, 2016: 09:01 م

أعرف الكثير من المقاولين الذين غادروا العراق، بعد أن عجزوا عن تأمين المستحقات المالية للعاملين معهم، المقاولون الذين تعاقدوا مع الحكومة على تنفيذ عدد من المشاريع، لكنهم وبعد أن عجزت الحكومة المحلية هذه، عن تسديد ما بذمتها لهم تصادموا مع العاملين من مقاولين ثانويين ومن فرق عمل مختلفة (بناء، نجارة، حدادة، كهرباء، أعمال أخرى) ولم يتوقف الأمر عند الهجرة ومغادرة البلاد، إنما امتد الى تأجيج صراع بين ذوي المقاولين هؤلاء وبين العمال، المساكين، الذين ظلوا يبحثون في الطرق المؤدية الى حصولهم على ما لهم من أموال، تتوقف عليها حياتهم.
وللذين لم يسمعوا بمثل هذه نقول: هناك العشرات والمئات من المشاريع التي بلغت نسب إنجاز مختلفة فيها لكنها توقفت بسبب توقف الحكومة عن دفع المستحقات المالية، مما نتج عن ذلك جملة خلافات قبلية بين الأطراف المعنية، ولم تجد العديد من الخلافات هذه طريقها للحل، بسبب شح المال في خزينة الحكومة، وانعدامها في جيوب المقاولين، الذين اضطروا لمغادرة البلاد وترك ذويهم لمصيرهم، الذي بات رهن بيع الأراضي والبيوت والحُلي ومن ثم تسديد ما بذمتهم، ولأن بعض المبالغ كبيرة جداً، تجاوزت المليارات فقد عجز ذووهم عن سدادها، ولم يجدوا بداً من نصب الجوادر والجلوس مع أصحاب الحق في محاولة للتوصل الى هدنة ما، حيلة ما، فرج ما، فدية ما.
في آذار الماضي تظاهر عدد من المقاولين البصريين، مستصحبين آلياتهم (شفلات، رافعات، كرينات، سيارات حمل كبيرة ...) وسدوا الطريق المؤدية الى مبنى الحكومة في البصرة، مطالبين بدفع مستحقاتهم، ومثل ذلك فعل عدد آخر من المقاولين، وسدوا الطريق المؤدية الى أحد الآبار النفطية في منطقة الرميلة الشمالية، وقد تكون الحكومة سددت بعض ما بذمتها للبعض منهم، لكن المشكلة ما زالت قائمة.
من يتجول في المدينة يجد العشرات من المشاريع المتوقفة (مدارس، مستشفيات، شبكات صرف، جسور، طرق، ومشاريع خدمية أخرى) ترى، ألم تخصص الحكومة المحلية لها المبالغ اللازمة في حينها؟، وإذا كانت الإجابة بلا، ترى كيف صادقت الحكومة على مشاريع لا تملك تكاليفها؟ وقد صرح أكثر من مسؤول في حينها قائلاً بميزانية انفجارية، ستعمل على جعل المدينة حلماً لا تضاهيه إلا أحلام دبي وشنغهاي، وهنا يقفز السؤال التقليدي: ترى، إلى أين ذهبت الأموال هذه، وفي أي المشاريع صرفت، وكيف أُنفقت ؟
ما لا يختلف عليه اثنان في العالم هو فساد الحكومة العراقية، وفساد البرلمان أيضاً، وقد قالت بذلك كبريات الصحف العالمية، وصرح به اكثر من رئيس دولة عظمى، لا، بل ويعلم به الشعب العراقي كله، لكننا لم نسمع- اللهم، إلا ما ندر- عن إحالة مسؤول كبير الى القضاء بتهمة الفساد، او صدور حكم قضائي بحقه.
حين تأخذ طريقك الى مكان ما في البصرة، او في أي مدينة عراقية، سيقال لك وأنت تمر بالمزارع والضياع والقصور والشركات، بان هذه لفلان الفلاني وتلك له أيضاً، والتي هناك لفلان وهذه لفلان وبين هذه وتلك ستعثر على المئات من المشاريع الناجحة وكلها لمسؤولين كبار، لكن لا أحد يبحث في التفاصيل، الكل صامت، هيئة النزاهة صامتة، حتى وإن دخلت مبنى الحكومة وتقصت عن مبلغ  تجاوز الخمسين مليار دينار، وبحثت في مصيره، وأين وصل، ومن اخذه بحسابه، سيتدخل زعيم كتلة دينية، بعمامة سوداء ويسوي الأمر مع هذا وذاك.
ما يهمنا هنا، إن الحكومة بفسادها تجاوزت حدود لطش المال وشراء الذمم خارج وداخل العراق إلى إغراق الناس المساكين بمشاكل لا حدود لها، نجم عنها نصب الجوادر ودفع الفصول وإراقة الدماء وهجرات خارج الحدود، وترك الناس يخوضون في مصائر لا يعلمها إلا الله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram