اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > فــــي يومهـم العـــالمــي: أطفال العراق.. من يجنِّبهم العنف والعمالة؟

فــــي يومهـم العـــالمــي: أطفال العراق.. من يجنِّبهم العنف والعمالة؟

نشر في: 26 نوفمبر, 2016: 12:01 ص

احتفل العالم الأسبوع الماضي بعيد الأطفال العالمي  والذى يهدف إلى خلق بيئة مناسبة لمعيشة الأطفال فى العالم، من خلال الحوار والأفعال الإيجابية. وتحتفل بالعيد 191 دولة حول العالم بضمنها العراق الذي يعيش أطفاله ظروفاً أقل ما توصف بالتعيسة، منهم النا

احتفل العالم الأسبوع الماضي بعيد الأطفال العالمي  والذى يهدف إلى خلق بيئة مناسبة لمعيشة الأطفال فى العالم، من خلال الحوار والأفعال الإيجابية. وتحتفل بالعيد 191 دولة حول العالم بضمنها العراق الذي يعيش أطفاله ظروفاً أقل ما توصف بالتعيسة، منهم النازح، وآخر مهجر، وثالث هاجر برفقة عائلته، ورابع دون تعليم دخل سوق العمل، وآخر مشرد.
تتنوع صور الشقاء والحرمان التي يعيشها أطفال العراق، فبين صراعات الحروب والنزاعات فقد الكثير منهم المأوى والتعليم والحصول على خدمات طبية جيدة، مثلما فقد الكثير منهم عوائلهم او معليهم مما اضطرهم للعمل في أعمال أكبر من سنيّ أعمارهم. ورغم كل تلك المعاناة لم نسمع من مسؤولي وساسة البلاد غير كلمات رسمية تشير الى وضع اطفال العراق، دون أن تتحرك أية جهة حكومية لتحسين واقعهم وضمان مستقبلهم التعليمي والصحي والاجتماعي.

العمالة تهلك عمر الطفولة
 يرجع الاحتفال بيوم الطفل، تلبية لدعوة الجمعية العامة للأمم المتحدة بإطلاق يوم عالمى لحقوق الطفل، وذلك بهدف مساندته والدفاع عن القضايا والتشريعات التى تضمن حقوقه فى مختلف دول العالم. وتم تحديد 20 تشرين الثاني من كل عام، وذلك بمناسبة اتفاقية حقوق الطفل فى 20 تشرين الثاني 1989. إلا أن تلك الاتفاقية خرقت من دول عدة ومنها العراق الذي حدّد قانونه سن 15 عاماً حداً أدنى للعمل، فيما فرض هذا القانون شروطاً وقدم ضمانات للأحداث العاملين بين (15- 18 عاماً)، لكن هذه المعطيات بقيت حبيسة الأوراق وبعيدة عن التطبيق، فالواقع الاقتصادي يولّد نتائج أخرى، إذ أن كثيراً من العائلات تضطر للاستعانة بأطفالها من أجل لقمة العيش. وعلى الرغم من برامج مكافحة ظاهرة الأطفال العاملين التي أعدتها وزارة العمل ،وهي الجهة الرقابية الأولى على عمالة الأطفال، لكنها تقر بصعوبة السيطرة على "أطفال الشوارع"، إذا غالباً ما تصطدم عمليات مراقبتهم لهم ببؤر وعصابات منظمة وراء تشغيل الصغار، حسب ما ذكره وزير العمل والشؤون الاجتماعية محمد شياع السوداني اثناء لقاء مع فضائية "المدى" في برنامج "ناس وحكومة".

78 مهنة ممنوعة على الإطفال ؟
وحسب قانون العمل، فإن هناك شروطاً لعمالة الأطفال من سن الخامسة عشرة إلى الثامنة عشرة. وهناك 78 مهنة ممنوعة عنهم بسبب مخاطرها الصحية والنفسية على الأطفال الذين إرغم الكثير منهم على العمل في مهن وأعمال خطرة بل وخطرة جداً. المحامية سناء مهدي ذكرت لـ(المدى) أن هناك الكثير من القوانين التي يفترض أن تدخل حيز التنفيذ ومنها قانون العمل، متسائلة عن سبب عدم تطبيقه في الوقت الحاضر الذي عدته من أخطر الأوقات على صحة وحياة الأطفال العراقيين.
وشددت مهدي: أن على الحكومة أن تعمل بجد وجدية وتتكفل رعاية الأطفال وحمايتهم من كل أنواع المخاطر. مضيفة: كما ان عليها تلبية كل احتياجاتهم كي تبعدهم عن سوق العمل الذي استغل الكثير منهم بطرق غير مشروعة. مؤكدة على اهمية أن تولي منظمات المجتمع المدني اهتماماً اكثر للأطفال وان تضغط على الحكومة كي تقوم بدورها في حماية ورعاية الطفولة.

ثلاثة ملايين طفل دون تعليم
قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن أكثر من نصف مليون طفل عراقي منخرطون في سوق العمل عوضاً عن الذهاب للمدارس، مع تراجع دخول العائلات بسبب العنف والنزوح.
وتضاعف عدد الأطفال العاملين ليصل إلى أكثر من 575 ألفاً منذ عام 1990 والحصار الدولي على العراق بسبب هجوم العراق على الكويت، وصولاً الى نيسان عام 2003. وقالت «يونيسيف» إن نحو 10 بالمئة من أطفال العراق- أي نحو 1.5 مليون طفل- أجبروا على النزوح منذ بداية 2014 بسبب العنف. وأضافت أن 20 بالمئة من مدارس العراق أغلقت بسبب الصراع، ولم يعد بوسع نحو 3.5 مليون طفل في عمر الدراسة الذهاب للتعلم. ووفق تقديرات المنظمة فإن 3.6 مليون طفل على الأقل في العراق يواجهون خطر الموت، أو التعرض لإصابة خطيرة، أو لعنف جنسي، أو للخطف، أو التجنيد في فصائل مسلحة، بزيادة قدرها 1.3 مليون طفل مقارنة مع الـ 18 شهراً الماضية.

تعددت الأسباب والخطر واحد
الصبي مسلم حسن يعمل في ورشة حدادة ( وهي مهنة ضمن الـ 78 الممنوعة). مسلم ترك الدراسة بسبب ضعف حالتهم المعيشية، فوالده فقد ساقه في احد التفجيرات الإرهابية وبالتالي فقد فرص العمل، مما اضطر مسلم للانخراط بالعمل وترك الدراسة رغم تفوقه فيها لكن (العيشة تريد) ،حسب وصفه. فيما كان سجاد اكثر وضوحاً منه حيث اعترف انه يريد تعلم مهنة تفيده في بناء مستقبله، متعذراً بذلك أن أخاه الأكبر أكمل الجامعة لكنه جالس في البيت دون تعيين وهو لايجيد أية مهنة.  أما صفاء، فقد كاد يفقد احدى يديه قبل أيام في المنشار الكهربائي وهو يهم بتقطيع لوح خشبي في ورشة النجارة التي يعمل بها (وهي مهنة ضمن الـ 78 الممنوعة) حيث ارتأى أخوه الأكبر اصطحابه معه الى عمله كي يتعلم مهنة أولا، ولأن لاجدوى منه في الدراسة ،حسب قول أخيه مالك الورشة.

منع تسرب الطلاب
وبشأن كيفية الحد من ظاهرة عمالة الأطفال، ذكر المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ،عمار منعم، فإن الوزارة تسعى الى الحد من انتشار ظاهرة عمالة الأطفال ممن هم دون 15 سنة لحمايتهم من المخاطر الموجودة في بيئة العمل، منوهاً الى ان الوزارة تقوم بإرسال فرق تفتيشية للمشاريع المشمولة بأحكام قانون العمل للتأكد من التزامات أصحاب العمل بتطبيق أحكامه والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه ومحاسبة المخالفين. مؤكداً: ان هذه الأعمال تتعارض مع أحكام قانون العمل العراقي رقم 71 لعام 1987 المادة [90/ عمل] التي تقتضي حماية الأحداث. مبيناً: ان هناك تعاوناً بين وزارة العمل ومنظمات المجتمع المدني والوزارات المعنية للحد من ظاهرة عمالة الأطفال، لافتاً الى وجود تنسيق مع وزارة التربية لمنع تسرب الطلاب من المدراس عبر الرسائل الإرشادية وبالتالي الحد من تلك الظاهرة.

العنف الأُسري .. خرق آخر
عالمياً، هناك مليار طفل يعاني العنف الأسري، بدءاً من إساءة معاملته واتباع السلوك الخاطئ في التربية، وصولاً للاعتداء عليه جنسياً أو جسدياً، أو خطفه أو مطاردته وتهديد أمنه واستقراره، أو معاملته بعنصرية ،خاصة الإناث، وكثيرة هى أشكال وأنواع العنف الممارس تجاه الأطفال (النفسي، الجنسي، الاجتماعي، الاقتصادي والمادي)، فالعنف الجسدي: هو العنف الأكثر شيوعاً، لأن دلالاته واضحة ،حسبما ذكر استشاري علم النفس هشام المؤيد بحديثه لـ(المدى) مستدركا: لكن بالتأكيد هناك أنواع أخرى من العنف لا تقل تأثيراً عنه، مثل العنف النفسي: الذي يشمل كل المحاولات لإحباط الآخر والإقلال من أهميته وإهانته المتكررة، والتعامل معه بطريقة غير ملائمة لعمره ومستواه العقلي. مبيناً: ان ذلك يترك أثراً سلبياً في تصرفات الطفل ما ينعكس مستقبلاً على تصرفاته مع الآخرين خصوصاً أقرانه. مردفا: ان الكثير ممن تعرضوا الى العنف الأسري تحولوا الى أناس مشدودين طوال الوقت ومنهم من عوّض ذلك بالاتجاه الى ارتكاب الجرائم.
واسترسل المؤيد: اما بقية انواع العنف فتلعب الظروف الاجتماعية والسياسية دوراً كبيراً فيها، ففي حال الحروب ،وخاصة الداخلية، وغياب السلطة الرسمية تكثر حالات الاغتصاب والخطف للأطفال. لافتاً: الى ان العنف الاجتماعي هو الآخر يكون وليد مثل هكذا ظروف خاصة الصراعات الطائفية والقومية والعرقية التي تحدث في مجمتعات متعددة التركيبات. مشيراً الى ماعاناه اطفال العراق من هذه الصراعات وآخرها محنة النزوح والتهجير وكيف ينظر الى الطفل في مدن النزوح او ممن حالفه الحظ ودخل مدرسة جديدة. مشدداً: اما العنف الاقتصادي او المالي فهو الذي يمارس ضمن اطار العائلة ان كان من طرف الأب او الأم بحرمان أبنائهم من المصروف اليومي او بتقنين احتياجاتهم، وبالطبع فإن العوائل الفقيرة غير معنية بهذا العنف الذي غالبا ما نجده في العوائل متوسطة الدخل.

خلاف عائلي ينقذ مستقبل طفلة
في اللحظات الأخيرة ،قبل تحديد موعد الزفاف، نشب خلاف بين شقيق العريس وشقيق العروسة هبة (12 عاما)، التي دفع وضعهم المالي الصعب الى قبول تزويجها لأحد أبناء العوائل الميسورة، رغم تفوقه العالي في الدراسة الذي كان شرطا ان تستمر بها لإتمام الزواج حيث رفض شقيق العريس الشرط، بالتالي عدم نجاة هبة من (وأد) كما اسماه شقيقه الذي كان رافضا بشكل قاطع للزواج لكن سلطة الأب كانت أقوى منه. إلا أن (زينب ) 11 عاما لم يختلف احد على اكمالها الدراسة فهي بالأساس أجبرت على تركها منذ سن الثامنة، لتتزوج في الشهر الثاني من العام الحالي من ابن عمها الذي يكبرها بسبع سنين وبسبب غياب التثقيف والوعي لما سيحدث في ليلة الزفاف وبسبب التقاليد العشائرية كاد النزف يقضي على حياة زينب التي نقلت بسرعة الى المستشفى، لتمر بعد ذلك بوضع نفسي صعب ونوبات صراخ كلما تقرب زوجها منها لتعود الى بيت ابيها حتى تتهيأ لقبول الزواج.
ضمن المساحة المخصصة للعرضحالجية ومكاتب الاستنساخ في محكمة مدينة الصدر يقول ستار عودة صاحب مكتب استنساخ ان عدد الذين يتم استنساخ اوراق طلاقهم يوميا قرابة 25 حالة ثلثها تقريبا من القاصرات التي لا تتجاوز اعمارهن 14 سنة .
موضحا: ان نسبة كبيرة من هذه الزيجات تتم في المكاتب الشرعية. لافتاً الى: ان اغلب حالات الطلاق تكون بعد مدة قليلة من الزواج واغلبها بسبب الوضع الصحي للفتاة ..

أسباب وعوامل زواج القاصرات
وبشأن أسباب زواج القاصرات وتفشيه في الآونة الأخيرة، ذكرت الباحثة الاجتماعية إلهام حسن ان  العادات والتقاليد السائدة في المجتمعات الريفية هي من اول الأسباب، كذلك زواج الأقارب ومحاولة المحافظة على الإرث. متابعة: خوف الأهل على أبنائهم من الانحراف والانجراف مع أصدقاء السوء، تعدد الإناث في الأسرة الواحدة، والفقر الذي يعد أحد أهم الدوافع في الكثير من الزيجات، منوهة ايضا الى الأمية وقلة الوعي الحضاري والفكري والدين والشرع والمشاكل الأسرية وطلاق الوالدين وهي من الإشكالات الكبرى في حياة الأطفال والتي تهدد مصير نسة كبيرة منهم.
وفيما يخص العوامل المؤثرة في زواج القاصرات فقد بينت الباحثة الاجتماعية انها: اولا العوامل الاقتصادية التي تلعب دوراً مؤثراً في زواج القاصرات بسبب عجز أولياء الأمور في تلبية احتياجات القاصرات مثلما يدعي البعض منهم. مضيفة: ثانيا العوامل الاجتماعية  والعلاقات الأسرية والعشائرية التي تشدد على زواج الفتيات بسبب اعرافهم.

الحماية من الاستغلال
طالب المرصد العراقي لحقوق الإنسان الحكومة واليونيسيف، باتخاذ الخطوات اللازمة لدعم مبادرات الحد من ظاهرة عمالة الأطفال في العراق ومعاقبة المعتدين، مشدداً على أهمية حماية الأطفال من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليمه.
وقال المرصد في بيان اطلعت عليه (المدى): إنه تم رصد حالات استغلال للأطفال الذين اضطروا إلى النزوح مع عائلاتهم من المدن التي سيطر عليها تنظيم داعش إلى المدن العراقية الأكثر أمناً، حيث دفع ضنك العيش بهؤلاء، علاوة على عدم توفير الجهات الحكومية والدولية للمأوى والطعام لهم، إلى العمل من أجل سدّ حاجات عائلاتهم الأساسية. مبينا: أن هؤلاء الأطفال سرعان ما واجهوا استغلالاً من قبل المُشغّلين بسبب حاجتهم الملحة للعمل.
ودعا المرصد الى: توفير الوثائق المطلوبة وتسجيل الأطفال النازحين قي المدارس المحلية وتوفير الدعم النفسي والاجتماعي لهم وإنشاء مراكز تعليمية في مخيمات النازحين، فضلا عن توفير الخدمات الأساسية الأخرى كالسكن والمرافق الصحية والطبية والغذائية. مؤكداً على: حق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطيرا أو أن يمثل إعاقة لتعليم الطفل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بسبب الحروب.. الأمن الغذائي العالمي على حافة الهاوية

اعتقال "داعشي" في العامرية

التخطيط تبين أنواع المسافرين العراقيين وتؤكد: من الصعب شمول "الدائميين" منهم بتعداد 2024

هروب امرأة من سجن الاصلاح في السليمانية

وفاة نائب عراقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram