أدرجت "بي.بي.سي" ماريا زخاروفا الناطقة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية بين 100 امرأة ذوات نفوذ في العالم حيث غالبا ما تتردد أقوالها في وسائل الاعلام. وفعلا ان هذه الدبلوماسية الشابة الروسية بدأت تتصدر مواقع وسائل الاعلام وتتصدى بجرأة الى الهجما
أدرجت "بي.بي.سي" ماريا زخاروفا الناطقة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية بين 100 امرأة ذوات نفوذ في العالم حيث غالبا ما تتردد أقوالها في وسائل الاعلام. وفعلا ان هذه الدبلوماسية الشابة الروسية بدأت تتصدر مواقع وسائل الاعلام وتتصدى بجرأة الى الهجمات الاعلامية ضد روسيا. وعندما شن الغرب حملته الاعلامية ضد روسيا بسبب اوكرانيا والقرم ومن ثم التدخل في سورية لم يكن أحد يتوقع ردود فعل مؤثرة من جانب موسكو على ما تبثه عشرات الوكالات والقنوات التابعة له من مواد وانباء تشوه السياسة الروسية. فقد واصل الاعلام الروسي وياللأسف النهج الجامد الذي اتبعته وسائل الاعلام السوفيتية الذي لا يتماشى مع الظروف الراهنة.
وفي الواقع ان وسائل الدعاية الروسية ضعيفة بالمقارنة مع وسائل دعاية الولايات المتحدة والدول السائرة في ركابها.لكن تعيين زخاروفا في منصبها هذا قد أحدث تغييرا ملموسا في المجال الاعلامي الروسي.
وربما ان تعيين ماريا زخاروفا بصفتها الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية كان خطوة موفقة جدا في هذا المضمار . انها أول دبلوماسية روسية تتبوأ مثل هذا المنصب الحساس في وزارة الخارجية. حيث انها صارت تتصدى الى أي هجوم على روسيا بإسلوب دبلوماسي حازم لكنه لا يجرح ويسخر من الجانب المقابل . وصار المراسلون الغربيون يخشون توجيه الاسئلة لها خشية أن تنهال عليهم بوابل من الاسئلة المقابلة التي تفضح نواياهم الحقيقية.
لقد ولدت زخاروفا في بكين حيث عمل والدها الدبلوماسي والمستشرق السوفيتي فلاديمير زخاروف في 24 كانون الاول عام 1975 وأمضت فترة طفولتها هناك. وقد أحبت الصين وشعبها وحضارتها. ولهذا فانها عندما درست في قسم الصحافة في معهد العلاقات الدولية بموسكو تخصصت في الدراسات الصينية وناقشت رسالة الدكتوراه حول تقاليد الاحتفالات بالعام الجديد في الصين.
ثم عملت في ادارة تحرير مجلة " الاخبار الدبلوماسية" ، ومن ثم في هيئة الامم المتحدة بنيويورك كناطقة بإسم المندوب الروسي. ولدى عودتها الى موسكو عملت في قسم الاعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية في فترة 2008 – 2015 وتعرفت على جميع خبايا الدبلوماسية الروسية. وتتولى الآن الاشراف على جميع النشاط الاعلامي لوزارة الخارجية. ويقول الصحفيون العرب الذين عملوا خلال سنوات بموسكو ان اسلوب عمل قسم الاعلام والصحافة تغير بصورة جذرية لدى تولي زخاروفا لمنصبها. انها تعمل ليلا ونهارا وتطلب من العاملين معها التفاني في عملهم مثلها. انها صارت تتحدث بلغة دبلوماسية أخرى حيث انها تتابع باستمرار وسائل التواصل الاجتماعي في الانترنت وتعلق على كل ما يصدر عن الدول الأخرى.ولا تخشى التطرق الى كافة المواضيع . زد على ذلك انها تحافظ على مظهرها الانيق وترتدي مع ما يتماشى مع الموضة ، ولا تتورع حتى عن الرقص امام الصحفيين بمرافقة ألحان " كالينكا".
لكن الصحفيين الغربيين بموسكو يشكون من انها " تشهر مخالبها" حالما يحاولون او غيرهم استفزازها بالحديث عن أمور تتطلع بسياسة روسيا الخارجية. فمعروف ان موقف موسكو من الاحداث في سورية مثلا ينطلق حسب قولها من مبدأ احترام القانون الدولي وعدم التدخل في الدول الآخرى ، ولاسيما التدخل العسكري ، بدون موافقة قيادات تلك الدول. ولم ترسل روسيا طائرات السلاح الجوي الى مطار الحميميم السوري إلا بطلب من قيادة البلاد. ولهذا فهي تعارض وجود قوات دول اخرى في سورية بدون موافقة حكومتها. ويقول الدبلوماسيون الروس ان موقف روسيا هذا يختلف كليا عن موقف الولايات المتحدة ودول الاتحاد الاوروبي التي هدفها" اسقاط الانظمة غير الموالية ومحاولة اشاعة الفوضى" فيها ، كما حدث لدى التدخل في افغانستان وليبيا والعراق والصومال وغيرها، ناهيك عن دعم " الثورات الملونة " في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق.اذ بلغت نفقات دعم الانقلاب في اوكرانيا مثلا حوالي 25 مليون دولار حسب المصادر الامريكية.
ولهذا ردت زخاروفا على اقوال السفير الامريكي مايكل ماكفول بان بوتين يتدخل في الانتخابات الامريكية ، ولهذا فهو " شاطر "، بقولها: في البداية عينت ادارة اوباما أمثال ماكفول في مناصب المسؤولية وعهدت اليهم تسيير الأمور في البلدان التابعة لها، لكن عندما اصبح الوضع في موقف " بات " أي التعادل- حسب تعبير لاعبي الشطرنج- راحت تصرخ بان موسكو مذنبة في كل شيء. كما انها غالبا ما تسخر من أقوال جنيفر بساكي الناطقة باسم الخارجية وزارة الامريكية بصدد السياسة الروسية والتي تعتمد على الاشاعات التي تروج في الصحافة الغربية. حتى أنها دعت سامانتا باور المندوبة الامريكية في هيئة الامم المتحدة الى المجيء الى سورية على حسابها الخاص لكي تتعرف على اين تقع الاهداف المدنية المزعومة التي قصفتها الطائرات الروسية في حلب.وكتبت لها قائلة :" لا تخافي. فلم يمسك أحد ، إلا اذا ضرب طيرانكم مرة أخرى بالخطأ.وستجدين ما يستحق تذكره فيما بعد. وستعرفين معنى كلمة الخجل".
وقد لوحظ مؤخرا عزوف مراسلي رويترز عن توجيه الاسئلة اليها في اثناء المؤتمرات الصحفية الاسبوعية التي تعقدها زخاروفا. وقد حدث ذلك بعد ان نشرت الوكالة معلومات مغلوطة عن دور روسيا في سورية. فقالت مخاطبة المراسل:" لدي سؤال مشروع أوجهه الى وكالة رويترز الممثلة بموسكو ب 50 مراسلا: هل انتم مراسلون صحفيون حقا ؟". وأعربت عن دهشتها من عدم رغبة اي واحد من هؤلاء المراسلين في اجراء حديث مع المسؤولين بروسيا. واضافت قائلة :" اذا كنتم لا تعملون ولا تعدون التعليقات بموسكو، واذا ما كان آخرون يجلسون في لندن ويكتبون بدلا عنكم ، فماذا تفعلون بموسكو ؟".
ان ماريا زخاروفا شخصية مؤثرة فعلا في المجال الاعلامي ، واسلوبها هجومي ، وحتى ان اذاعة " الحرة " وصفتها بأنها عدوانية . لكن هذا الاسلوب يميز تعامل بوتين أيضا مع منتقديه، أي ان هذا هو الاسلوب المعتمد في الكرملين عموما.